الجمعة، 30 أغسطس 2013

دماء الأخوين مرعبي في عكار

دماء الأخوين مرعبي في عكار، والاخوين مقدم، قبلهما في طرابلس، ودماء عشرات »الاخوة« الآخرين، في البقاع والجنوب والعاصمة لم تعد تخيفنا!

والجثث المكدسة في المشارح وعلى قارعة الطرقات وفي الجرود والحقول، ما عادت تثير فينا اكثر من من غصة حزن نبتلعها مع قهوة الصباح!

لأن القتل في لبنان صار مسألة يومية..
ولأن القتل وحده في »المناطق المتخلفة« من لبنان استطاع ان يواكب الحضارة في جهنمية التخطيط، وبرودة التنفيذ، ودقة التصويب!

وإعلان عكار منطقة عسكرية، متى وافق عليه مجلس الوزراء غدا، سيكون اعترافا رسميا بأن الشمال يعيش، حالة حرب! وبأن الموت هو هنا في لبنان الذي لم يحارب لا في حزيران ولا في تشرين، هو مثله في هانوي إبان القصف الاميركي!

والفرق بيننا وبينهم هو ان دماء قتلاهم تروي القضية، اما دماء قتلانا.. فتمتصها صحراء الحكم..
والفرق بيننا وبينهم انهم يقتلون محاربين اما نحن فنقتل في ملابس السهرة..
والفرق بيننا وبينهم ان حكوماتهم تقول لهم ان من يقتلهم هو العدو، وحكومتنا تقول لنا انه »المجهول«.
حكوماتهم تقول لهم ان من يزرع الجراثيم في المياه بقصد تسميمهم، او يقطعها عنهم، هو عدو، وحكومتنا تقول لنا انه »مستثمر« والاستثمار نعمة.

حكوماتهم تقول لهم ان من يمنع الحليب والسكر عن اطفالهم، او من يسحب الغذاء من طعامهم ليقتلهم بسوء التغذية والجوع، هو عدو، وحكومتنا تقول لنا، انه »تاجر« والتجارة حلال.
حكوماتهم تقول لهم ان من يسلبهم الامن والامل بالمستقبل فيطردهم من اعمالهم هو عدو، وحكومتنا تقول لنا انه »رب عمل« والرب مقدس.

شوقي رافع
»السفير« 15/8/1974

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق