الجمعة، 1 يونيو 2012

الحضارة عندما تفقد الفرح والحرية، المتآمرون على العيد، الشركات الكبرى تحول الهواية الى(بيزنس)والغربي(يقتل الوقت)خارج الدوام

من الملف السياسي: التاريخ:

العيد يعني الفرح والعطلة تعني الحرية, ولكن الفرح والحرية يتعرضان لمؤامرة معلنة, باسم الحضارة, هنا بعض عناوينها: شارلمان والرشيد كان الامبراطور شارلمان أول من فرض على الرعية, في القرن الثامن, ان تمتنع عن العمل في أيام الأحد, وان تتفرغ للعبادة, ولكن الرعية لم تكن تملك ترف العطلة, مما كان يضطر الآباء في الكنيسة الى إعادة تذكير المزارعين بأوامر شارلمان وبعذاب النار يوم القيام لكل من يعمل يوم الأحد.. وفي الأعياد. وكانت العطلة الدينية, بما فيها الأعياد, هي اقرب الى العقوبة, واذا كان باستطاعة المزارع او العامل ان يهرب منها لن يفوت الفرصة. الخليفة هارون الرشيد, المعاصر لشارلمان, لم يكن مضطرا الى تهديد الرعية كي تتوقف عن العمل في أيام الجمعة وفي الأعياد, فقد كان الخير وفيرا (أيتها السحابة امطري حيث شئت فان خراجك سوف يعود الي) .
الاديان السماوية لم تكن هي من قرر عطلة نهاية الاسبوع والاعياد. وعلى ما يروي ابن اسحاق عن جزيرة العرب, قبل ظهور الدعوة الاسلامية كان اهل نجران يومئذ على دين العرب يعبدون نخلة طويلة بين أظهرهم لها عيد كل سنة, فاذا كان ذلك العيد علقوا عليها كل ثوب حسن وجدوه وحلي النساء ثم خرجوا اليها فعكفوا عليها يوما..) وكان يكفي الاعرابي ان يجد نخلة ليصنع لنفسه عيدا, وكان ذلك قبل الاسلام. وفي الحضارة الاغريقية, وقبل ظهور المسيحية, كان أهل اثينا يحتفلون بـ (ديونيسيوس) ويخرجون في كل عام الى ذرى التلال يعبدونه اسابيع ممتدة ويشربون على اسمه, وكان للربيع اعياد وللحصاد مثلها... الأديان السماوية لم تكن اول من جاء بالاعياد ولكنها نظمتها, ثم قامت الدول لتضيف اليها اياما ومناسبات تحتفل فيها باستقلالها والثورات... الرعية اليوم, ومع مطلع الألفية الثالثة, لم تعد تحتاج الى شارلمان يأمرها بالعطلة قدر حاجتها الى شارلمان يحمي عطلتها ويعيد تأهيلها لاستقبال العطلة, متعة وعبادة. وليس (أهل القلة) وحدهم من يهدد العطلة, ولكنهم (أهل الوفرة) ايضا, وهنا نماذج. لا تدعهم يفكرون (لا تدعهم يفكرون) أشغلهم بالبحث عن ضرورات حياتهم اليومية (العبارة منسوبة الى رجل الاستخبارات الروسي الجنرال بيريا, وقد عاصر حكم ستالين, وكانت طوابير الناس تمتد كيلو مترات, في موسكو, كما في سواها من المدن, بانتظار الحصول على حاجاتهم اليومية من المخازن العمومية, بدءا من السكر والخبز ووصولا الى الفودكا. ومن بيريا استفاد كثير من قادة الدول في العالم الثالث, وشغلوا شعوبهم عن التفكير, في أيام الاعياد والعطل, كما في ايام العمل بالبحث عن قوتهم اليومي, وعندما ينشغل الشعب عن التفكير فإن الحاكم يصبح آمنا, وتغيب من القاموس الشعبي عبارات المتعة والفرح والحرية, فالكل مشغول. الغرب: الحرية فراغ اما في الغرب فيأخذ الفيلسوف البريطاني برتراند راسل على الحضارة الغربية انها افسدت على الناس حريتهم... وبالتالي حياتهم, يقول في محاضرة له, قبل عقود, ان الانسان في الغرب الصناعي يعتبر ان ما يفصل بين نهاية الدوام في العمل وبداية الدوام التالي هو فراغ, وهو (وقت عليه ان يقتله) , لقد فقد هذا الانسان الشعور بالحرية فالدوام يخنقه, حتى وهو خارج العمل, وعندما تصبح الحرية فراغا فأية متعة تبقى للانسان, وهل يعود هناك معنى لشعارات الحرية؟ ولم تكن الثورة الصناعية الثالثة, الاتصالات والمعلومات التي نعيشها اليوم قد بدأت بعد... ولم يكن الكمبيوتر قد استوطن مكتبة المنزل, اذا لم يكن نقالا يستقر مع صاحبه حتى في غرف النوم في الفنادق. ولم تعد العطلة وحدها هي المهددة, بل جميع المتع الصغيرة خارج الدوام والعمل وقد اخترع الغرب لهذا النسق من الحياة قاموسا جديدا, فهناك غداء العمل وعشاء العمل وهناك (المدمن) على العمل, وهناك يخت يزيد ثمنه على ثمانية ملايين دولار ينتظرك لتمضي فيه اجازتك السنوية بعيدا عن العالم في... اجتماعات عمل, كما يقول اعلان امريكي موجه الى كبار المديرين ورجال الاعمال. المتآمرون ماذا يفعل المرء في يوم اجازته؟ كان ذلك هو السؤال الذي تداولته حلقات رجال الاعمال وأهل السوق وجماعة (البيزنس) على مدى العقود الخمسة الماضية, وكانت الاجابة ببساطة: انه يمارس هوايته, ومن هنا فقد انقض الجميع على اكتشاف هوايات الناس وتحويلها الى (بيزنس) كبير, ومن بين هؤلاء الامريكي بيل ستوري. ووفقا لتقرير نشرته صحيفة (وول ستريت جورنال) الامريكية مؤخرا, فان بيل ستوري يعمل مستشارا وخبيرا في التسويق, وهو قد جمع في احدى قاعات فندق في بنسلفانيا ما يزيد على 70 شخصا من العاملين في البنوك, جاءوا للمشاركة في ندوة تحت عنوان (تحسين اداء العمل) وتتضمن الندوة محاضرات في الادارة وفي علم النفس و... رياضة الجولف, وهي الاكثر شعبية بين رجال الاعمال ومديري الشركات الكبرى, رسم الاشتراك في الندوة هو خمسة الاف دولار عن الشخص الواحد. ويقول تقرير الصحيفة: ان الشركات الكبرى من نوع شركة ماريوت, وانترناشيونال بيزنس وميري لينش, بدأت بإرسال مديريها الى حلقات يعقدها خبراء حول (شغل الجولف) , يتعلمون خلالها كيف يمكن ان يعقدوا صفقات مع رجال الاعمال خلال ممارستهم لهذه الرياضة, وتشتمل الحلقات على جانب نظري من نوع: متى تبدأ بالحديث عن الشغل خلال ممارسة هذه اللعبة؟ وجانب عملي ينتقل المديرون مع الخبير خلاله الى الملاعب الخضراء, يقومون بتجارب ميدانية و(بروفات) لاكتساب المهارات في اقتناص الفرص. ويضيف التقرير ان شركة (آي. بي. ام) دفعت بحوالي 50 من العاملين لديها في تسويق (السوفت وير) الى المشاركة في حلقة تمتد حوالي ثلاث ساعات ونصف الساعة حول (شغل الجولف) , بينما شارك ما يزيد على 75 مديرا, من قسم المحاسبة في شركة لاسال العقارية في ندوة مشابهة خلال الصيف الماضي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق