الثلاثاء، 29 مايو 2012

السلام وحده القادر على مطاردة اشباح الارهاب، الامريكي بين السيف والدرع

من الملف السياسي: التاريخ:

لعل الولايات المتحدة الامريكية هي الدولة الوحيدة في العالم التي يطالب فيها المتقاعدون بفرض منع التجول مدة ساعتين يوميا على الشباب كي يستطيع المتقاعد ان يشعر بالامان وهو يقوم بنزهته اليومية قبل غروب الشمس. ولعل الدولة الوحيدة في العالم التي يقترح فيها قائد الشرطة في ولاية فلوريدا على السكان ان يحملوا في جيوبهم قطعة نقدية لا تقل عن عشرة دولارات عندما يخرجون ليلا (لانه اذا حاول احدهم سلبكم ولم يكن لديكم اي اموال نقدية فقد يشعر بالاحباط وعندها الرب وحده يعلم ماسوف يفعله بكم) . ولعلها الدولة الوحيدة في العالم التي يشتري سكان ولاية واحدة فيها: هي ولاية كاليفورنيا 642 الفا و 197 قطعة سلاح في عام واحد وتسجل منذ 1 نوفمبر الى 14 ديسمبر الجاري بيع 91 الفا و 89 قطعة سلاح بمعدل 2070 قطعة في اليوم الواحد.
ولعلها اخيرا الدولة الوحيدة في العالم التي تتناسل فيها الميليشيات المسلحة وتتدرب تحت انظار السلطات. الامريكي عادة لايأوى الى فراشه قبل ان يطمئن الى انه اوصد باب منزله بثلاثة اقفال من انواع مختلفة, ومع ذلك فان هذا الامريكي يعيش ويحتفل اليوم بعيد الميلاد الجديد, وهو يحمل هم الارهاب وتحذيرا هو اقرب الى منع التجول والسفر. .. والداخل ايضا ومنذ 11 ديسمبر الجاري بات الامريكي يستخدم تقويم رمضان اذا فكر في رحلة او قضاء اجازة الميلاد ورأس السنة في الخارج, اما في الداخل فإنه يبقى قلعة محصنة مثل (جيا) ابن الارض الذي تقول الاسطورة انه كان قادرا باستمرار على هزيمة عدوه, مهما كان حجمه لانه كان يستمد قوته من امه الارض يثبت اقدامه فوقها وينتصر على خصومه الى ان اكتشف احد اعدائه سره فرفعه عن الارض وخنقه في الفضاء ولعل هذا ما يفسر (الانعزالية) الامريكية وانتشارها القوي في الحزبين الديمقراطي والجمهوري, من القاعدة وحتى القمة, الامريكي يشعر بالقوة فوق ارضه. ولكن الداخل ايضا لم يعد امنا من الارهاب بعد اكتشاف (الشبكة الجزائرية) قبل ايام واعلان مكتب التحقيق الفيدرالي (اف.بي.اي) ووكالات الامن والاستخبارات حالة الطوارىء على جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية حتى نهاية شهر رمضان. لماذا رمضان؟ لان التحذير الاول الذي اطلقته وزارة الخارجية الامريكية يوم 11 ديسمبر قال ان هجمات الارهابيين يمكن ان تقع في اي وقت منذ صدور التحذير وحتى الاسبوع الاول من يناير مع نهاية شهر رمضان المقدس لدى المسلمين ونصح التحذير الامريكيين في الخارج ان يتجنبوا التجمعات الكبيرة, وان يلجأوا الى تغيير مواعيد وطرق تنقلاتهم واكد التحذير ان اجهزة الاستخبارات حصلت على (معلومات موثوقة) عن هجمات يمكن ان تقع في هذا الشهر. هل يقتصر التحذير على المسافرين الى الشرق الاوسط شبكة تلفزيون (اي.بي.سي) طرحت السؤال ورد مستشار الامن القومي صامويل بيرجر: لا, ليس الشرق الاوسط وحده بل في كل مكان. هل هو اسامة بن لادن مايقلق الادارة الامريكية ووزيرة الخارجية مادلين اولبرايت في مقابلة مع شبكة (سي.بي.اس) رفضت ان تفصح ما اذا كان بن لادن بالذات مصدر الخطر, وقالت ربما كان هناك اكثر من فريق يشارك في العملية, واكدت ان التحذير موجه الى الامريكيين في الخارج وليس في الوطن, ولكن لم يمض اسبوع واحد حتى كان (الوطن) ايضا موضوع استنفار والارهاب يستهدف الداخل. ليس الارتفاع بل السقطة اليس من حق الامريكي وهو وريث اكثر الديمقراطيات انفتاحا في العالم ان يمضي اجازة الميلاد ورأس السنة في اي مكان يختاره في العالم, من دون ان يفقد شعوره بالامن, وان يمضي مع اسرته واصدقائه اجازته من دون ان تطارده كوابيس الارهابيين بداية من نسف مركز التجارة العالمي مرورا بمجزرة اوكلاهوما سيتي, وصولا الى نسف السفارتين في افريقيا؟ ام هو قدره وقد اختاره وعليه ان يدفع ثمنه؟ يقول المفكر الالماني نبتشه: ليس الارتفاع هو المخيف ولكنها السقطة, والامريكي ارتفع كثيرا, فهو القوة الكونية الاولى, يحمل في جيبه مفاتيح الحرب والسلام, فهو قادر على الوصول الى اية منطقة في العالم بجيوشه واساطيله وصواريخه, وهو يحمل مفاتيح الغذاء والحبوب المعالجة وراثيا, ومثلها اللحوم, وهو يملك مفاتيح المواصلات والاتصالات وثورة المعلومات, يتقدم بها ويكشف عن اسرار الكون ويسعى الى استيطان الفضاء, وهو يحاول ان يسيطر على الخلية البشرية وفيها مفاتيح الصحة والمرض والحياة والموت, وهو في هذا مثل كل حكومات وشعوب الارض يخطئ ويصيب, ولكن الخطأ ممنوع على الامريكي, فهو اختار ان يكون شرطي الكون, والشرطي عندما يخطئ يمنح الشرعية للمجرم, وكلما زادت الاخطاء ارتفع عدد المتضررين, وهؤلاء لن يتحولوا الى اعداء بالضرورة, ولكنهم بالتأكيد لن يكونوا حلفاء للأمريكي ولا اصدقاء. شيراك والكونجرس ولعل الرئيس الفرنسي جاك شيراك هو افضل من يستطيع التعبير عن هذا التوجه العالمي, ففي مقابلة معه نشرت الاسبوع الماضي, وتناقلتها وسائل الاعلام الامريكية, يقول انه يحب الامريكيين (وعندي مجموعة من الاصدقاء في امريكا اعتبرهم من العائلة) ومن هنا يرى ان من حقه ان يطرح بعض النقد البناء. يحدد شيراك مسئولية امريكا عما يجري في العالم فيقول: لقد كنت بالطبع متابعا لما يجري في الكونجرس منذ بعض الوقت, وبصراحة كاملة كانت هناك شخصيات مهمة في الكونجرس يمكن ان تتصل بها وتسألها عن اشياء, تناقشها وتستشيرها وتحاورها, اليوم باتت هذه الامور اكثر صعوبة. ويرى شيراك ان الكونجرس لم يعد منفتحا على العالم كما كان سابقا ويقول (ان هذا ليس التوجه الامثل اذا اخذنا في الاعتبار المسئوليات الى تضطلع بها امريكا في انحاء العالم. اما وزير خارجيته الاشتراكي هيوبرت فيدرين, فهو اكثر وضوحا في هذه النطقة, ويقول: ان امريكا تطلب مشاركتنا في دفع الثمن ولكنها ترفض مشاركتنا في صنع القرار. نجوم ولحوم وعن برنامج الصواريخ المضادة للصواريخ او ما يسمى (حرب النجوم) وهو البرنامج الذي كان الرئيس رونالد ريجان اول من طرحه في مطلع الثمانينيات, واعلنت الادارة الحالية انها سوف تعيد طرحه علي الكونجرس في يونيو, فيقول الرئيس الفرنسي: اذا نظرت الى التاريخ ومنذ بدأ البشر بشن الحروب بعضهم ضد بعض, فأنت تجد انه كان هناك دائما سباق بين السيف والدرع, السيف يربح دائما, ولكن كلما اضيفت تحسينات الى الدرع اضيفت تحسينات اخرى الى السيف, وفي برنامج الصواريخ المضادة فاننا سوف نحرض صانعي السيوف على مضاعفة جهودهم.. وبالطبع فان بلدا مثل الصين سوف تضاعف جهودها ولديها الامكانات (وكذلك الهند وسواها, كما ان هذا البرنامج سوف يزيد التوتر داخل حلف الناتو) . وزير الخارجية الالماني جوسكا فيشر اكد بدوره ان البرنامج الامريكي يضعف التحالف مع واشنطن (اذ سوف يكون هناك طرف اكثر امنا من الاخر, كما انه سوف يطلق من جديد سباق التسلح) . ومن حرب النجوم ينتقل الرئيس الفرنسي الى حرب اللحوم, فقد قالت فرنسا ومعها دول الاتحاد الاوروبي (لا) كبيرة لاستيراد اللحوم الامريكية المعالجة وراثيا بالهرمونات, رغم تأكيد امريكا ان هذه اللحوم سليمة مئة في المئة. يقول شيراك: هناك خمسة او ستة انواع من الهرمونات في تلك اللحوم, ومن بينها واحد ثبت رسميا وعلى مستوى ابرز السلطات العلمية انه هرمون (مسرطن) وفي كل الاحوال فان جميع الخبراء متفقون على هذا. ويذكر ان منظمة التجارة العالمية كانت قد منحت امريكا حق الرد على اوروبا التي تمنع استيراد لحومها, ولكن شيراك يؤكد: (ولكن انتم لا تستطيعون ان تطعمونا شيئا لا نحب ان نأكله) . ان من حق الامريكي بالتأكيد ان يعيش بسلام وامن, وان يمضي اعياده واجازاته مع عائلته واصدقائه وفي اي مكان يريد, من دون ان يتعرض للتهديد, ولكنه لا يستطيع ان يفرض (الوجبة الامريكية) على العالم اذا كان هذا العالم لا يحبها, اكثر من ذلك ان السلام, كما الحرية لا يتجزأ, ومن يريد ان يعيش بسلام لابد ان يمنحه للاخرين ايضا, وخاصة في الشرق الاوسط وفي مهد السيد المسيح حيث اجراس الميلاد تقرع بانتظار السلام الموعود. اما ان يفعل الامريكي هذا او يبقى ومعه العالم بين السيف والدرع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق