الثلاثاء، 8 مايو 2012

حوار الاديان في الجزيرة العربية مقارنة بإسرائيل...

حوار الاديان في الجزيرة العربية مقارنة بإسرائيل، التسامح في مواجهة التطرف، الخارجية الامريكية: الامارات العربية المتحدة والكويت وعمان اكثر الدول تسامحا دينيا في الشرق الاوسط - التاريخ:

تشهد الجزيرة العربية حوارا بين الاديان يعزز (التسامح والقبول بالآخر) فكرا وممارسة, في وقت تعصف فيه حمى التطرف الديني بمعظم دول الشرق الاوسط, وفي طليعتها اسرائيل, وفقا لتقرير صدر عن الخارجية الامريكية. المسيحيون في الكويت * كم مسيحيا كاثوليكيا يوجد في الكويت؟ المسيحيين في الكويت ينتمي الى الطائفة البروتستانتية. * المجتمع المسيحي في الكويت يشعر بأن مساحة المباني المخصصة للكنائس لا تكفي... ـ لست متعمقا حقيقة في هذه المسألة...
واماكن العبادة المخصصة هنا في العاصمة دليل على كرم الحكومة الكويتية وحسن ضيافتها ونحن نثمن ذلك. هذا الحوار نشرته صحيفة (الرأي العام) الكويتية, في مطلع يونيو مع القائم بأعمال دولة الفاتيكان في الكويت جو سيبي دي اندريا, واكد فيه ان قطر وسلطنة عمان تفكران في اقامة علاقات دبلوماسية مع عاصمة الكاثوليكية في العالم, على نحو ما فعلت البحرين واليمن اخيرا وقبلهما الكويت في الستينيات من دول شبه الجزيرة العربية ويؤكد دي اندريا في الحوار (ان اقامة العلاقات الدبلوماسية مع دول المنطقة تتيح لنا فرصة اكبر لاقامة حوار لنعرف بعضنا, لأن عدم معرفة الآخرين هي التي تسبب الحذر والشك) . عنف الخطاب الديني بالمقابل, نقرأ للباحثة الكويتية مها غنام مقالا في مجلة (الزمن) الكويتية, تحت عنوان (عنف الخطاب الديني) تقول فيه (ان الخطاب الديني في المجتمع الكويتي, على رغم ما يتصف به من عنف ظاهر في اسلوبه, حسن النية والهدف, فالتيارات الاسلامية في الكويت تختلف اختلافا كبيرا عن مثيلتها في المجتمعات العربية الاسلامية... ويستطيع المراقب الخارجي ان يصل الى هذه النتيجة عند مقارنتها بمواقف التيارات الاسلامية في الاقطار الاخرى القريبة والبعيدة) . ولكن د. غنام وهي صاحبة دراسة ميدانية معمقة عن العنف في المجتمع الكويتي تشير الى بعض مظاهر العنف في الخطاب الديني, وتقتبس عن خطيب مسجد, حضرت خطبة له في احد ايام الجمعة (التي احرص على حضورها تشجيعا وتعويدا للصغار عليها : الواقعة التالية: قام خطيب المسجد, بعد ختام خطبته بالدعاء على اعداء الدين, وهم كما حددهم في دعائه الذي جاء بالحرف الواحد: (اللهم اقض على اليهود ومن هادنهم وعلى النصارى ومن ناصرهم وعلى الشيوعيين ومن شايعهم, وعلى القوميين ومن قام معهم, وعلى العلمانيين ومن عمل معهم) , حتى وصل الى الدعاء المركز في قوله (اللهم ومزقهم شر ممزق حتى لا تقوم لهم قائمة ابدا, فإنهم اعداؤك واعداء دينك) , وتعلق د. مها على تلك الواقعة فتقول: ان دعاء بمثل تلك الصيغة كفيل بزيادة الاحقاد والضغائن بين ابناء المجتمع الواحد, خصوصا اذا اخذنا في الاعتبار ان غالبية اهل الكويت (جيل الستينيات) قوميون, وكثير منهم علمانيون لكنهم مسلمون, وكذلك هناك شريحة من الكويتيين على الدين المسيحي, اي نصارى وهم اهل كتاب ولا يحق ولا يجوز لنا الدعاء عليهم... فمن اين اتى هذا الحقد والكره لهؤلاء وهم يشاركوننا الانتماء والولاء لرب واحد ووطن واحد؟ وهل هذا الخطاب العنيف يتماشى مع الامر الالهي: الدفع بالتي هي احسن (ادفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) ؟ وتتكامل صورة هذا الحوار الديني مع محاضرة استضافتها (دار الاثار الاسلامية) في الكويت, قبل اسابيع وتحدث فيها الدكتور لويس سكودر (الابن), ومع انه امريكي فهو يعتبر نفسه ابن الكويت فهو مولود فيها, كما ان والده سكودر الاب, مدفون فيها, وكان عنوان المحاضرة (العمل الخيري: الارسالية العربية الامريكية والكويت) وقد حضرها عدد كبير من المهتمين. يروي سكودر الابن وهو درس اللاهوت في امريكا وحصل على ماجستير في اللغة العربية من جامعة بيروت العربية ان الارسالية الامريكية تأسست في الولايات المتحدة في العام 1889 تحت اسم (الارسالية العربية) ولعل الترجمة الاصح هي (الارسالية للعروبة) ... واذا عدنا للوثائق التأسسية لهذه الارسالية فإننا نجد ان هدفها كان يعبر عن التبشير في الجزيرة العربية والتجول والتطبيب والتدريس مستخدمة ساحل الخليج كقاعدة, اما على المستوى الانساني فقد ولدت الفكرة في زمن كان فيه الغرب المسيحي واثقا من نفسه وكأن الهدف من انشائها كان تغيير العالم حيث تصبح اغلبيته ليست مسيحية فقط بل ومسيحية بروتستانتية... ويقول سكودر الابن ان البعثة الامريكية بدأت عملها في الكويت تلبية لدعوة من الشيخ مبارك الكبير في العام 1909 وكان طابع البعثة الثقافي غربيا في بادىء الامر, ولكنها بادرت الى التفهم الحقيقي لطبيعة المجتمع الكويتي العربي المسلم, وقدم اعضاؤها خدمات مهمة في المجال الطبي والتعليمي ولم يتجاوز دورها هذا الى دوافع دينية او سياسية او اقتصادية. الارسالية ومعركة الجهراء وشرح د. سكودر تجربة البعثة وكيف تعامل معها الشعب الكويتي فقال: جاءت الارسالية وهي غريبة على الكويتيين كان الشعب الكويتي قد اعتاد على وجود الوكلاء البريطانيين وغيرهم من ممثلي دول الغرب وفهم الشعب ان هؤلاء اتوا للربح المادي ومد نفوذهم السياسي فحوافز القوة والكسب مفهومة عالميا غير ان الارسالية لا تدخل في هذا الاطار وبهذا اختلف اعضاؤها جذريا عن الغربيين الآخرين وكان يرد مرارا في تقارير اعضاء الارسالية ان الشعب الكويتي لم يرتح لهذه الارسالية لدرجة انهم اي الكويتيين كانوا يتفادون نقل اي مريض الى المستشفى الا وهو على حافة الموت, وجاء (بول هاريسون) وكان اول طبيب بدوام كامل في الكويت وكان يشعر احيانا كثيرة بأنه عاطل عن العمل ولكي لا ينسى مهنته كجراح كان يذهب الى المقصب ويبتاع رؤوس الغنم ليشرحها وما كسب من تمارينه الغريبة هذه سوى لقب (الحكيم القصاب) . وواصل المحاضر د. سكودر القاء الضوء على فترة العقد الثاني من القرن العشرين حيث توصل المجتمع الكويتي الى تبني الارسالية كما يتبنى احد يتيما ويجعله من افراد اسرته فقال: كل واحد منا يتذكر ان في ايام الشيخ سالم المبارك حاربت الكويت اواخر عام 1920 في معركة الجهراء التي كان لها تأثير كبير في رسم مستقبل الكويت, وبعد انتهاء المعركة نقل الجرحى الكويتيون الى العاصمة, وبعدها الى مستشفى الارسالية الحديثة وهناك عولجوا تحت اشراف (ستانلي ميلراي) , والمعجزة هي ان من بين 135 شخصا كانت جرائم خطرة توفي 4 فقط, وفي اليوم التالي من المعركة وبينما كان (ميلراي) في مقهى لاحتساء القهوة وكانت هناك مجموعة من المواطنين الكويتيين البارزين حيته, فرد (ميلراي) عليهم السلام بطريقة عكست قلة صبره وتعبه موجها اليهم نقدا لاذعا وعنيفا لقلة المساعدة التي يتلقاها من شعب الكويت ومن بين المجموعة كان هناك عضو بارز من عائلة الصباح ومن دون ان ينبس ببنت شفة توجه الى الباب وترك المقهى, وفي تلك الليلة زاره شخص من الذين كانوا في المقهى ومعه لائحة بأسماء مساهمين كويتيين ووضع مبلغ 1000 روبية امامه اوضح له ان الكويتيين لم يكونوا على علم بأنه كان يريد مساعدة,ومن يومها حدث نوع جديد من التفاهم بين المجتمع الكويتي والارسالية. وركز الدكتور لويس سكودر على التطور الرائع وقد جمع حضارتين على تراث الوئام بين البعثة الامريكية والمجتمع الكويتي فقال: يرمز اصرار الكويتيين على المحافظة على مباني المستشفى الامريكي وترميمها الى ان البعثة اصبحت جزءا فريدا من هوية الكويت وتاريخها, وقد ساهم عمل الارسالية في خلق علاقات جيدة بين الكويت والولايات المتحدة. واختتم د. سكودر بالاشارة الى انه كانت هناك على المستوى البشري حوافز عملية اخرى ففي النهاية فإن نتيجة العمل علت على تلك الحوافز وجعل الله من العلاقة بين الارسالية والشعب الكويتي شيئا جميلا, لقد تعلمنا انه بالامكان ان نفهم بعضنا بعضا وان نتعاطف معا, على رغم فروقاتنا ومن دون مساومة على اصولنا الروحية او تراثنا ان عمل المستشفيات وحتى عمل الكنيسة ابى ان يكون امريكيا واصبح بالاحرى هدية تشارك فيها كل الناس. تقرير الخارجية الامريكية وهذا الحوار المتسامح بين الاديان وحولها في الجزيرة العربية, وليس في الكويت وحدها, يجد اصداء واسعة في التقرير الذي وضعته الخارجية الامريكية وقد صدر في نهاية العام الماضي, عن الحريات الدينية في العالم وهو يقع في اكثر من 1500 صفحة واستغرق العمل فيه حوالي 18 شهرا, وشارك في جمع معلوماته السفارات الامريكية وموظفون غير حكوميين واعلاميون واكاديميون داخل وخارج الولايات المتحدة ويرى التقرير ان التطرف الديني يعصف بمعظم دول الشرق الاوسط, ومن بينها اسرائيل ولكنه يستثنى الكويت والامارات العربية المتحدة وسلطنة عمان في الجزيرة العربية ولبنان وسوريا في المشرق العربي. يقول التقرير عن الكويت: (تحرص الكويت على الحريات الفكرية والمعتقدية, وتوجد فيها العديد من الكنائس التي تقع تحت الاشراف المباشر لوزارة الاوقاف, وتستطيع هذه الكنائس استقدام الخطباء واقامة الشعائر الدينية دون قيود... وهذا يضع الكويت على خارطة الدول التي ترعى حريات دينية متنوعة) . وعن الامارات العربية المتحدة يقول التقرير: يقطن الامارات 80 بالمئة من الاجانب العاملين, وهم من ديانات مختلفة, وقد منحتهم الدولة حريات العبادة وبناء الكنائس.. وتعتبر الامارات من الدول المنفتحة التي تحاول تبادل الثقافات مع العالم وممثليهم في الدولة) . وعن عمان يقول التقرير: في عمان يستطيع حتى الهندوس بناء اماكن عباداتهم وهناك العديد من الكنائس, ومنها ما بنى على ارض وهبتها الدولة لهم) . ولعل اهمية هذه الشهادات من التسامح الديني, تراثا وممارسة في هذه الدول, تكتسب اهميتها من ادانة التقرير لاسرائيل التي يرى انها تمارس اضطهادا دينيا يأتي في المرتبة الثانية بعد افغانستان وصربيا.. مع ان الاعلام الغربي قليلا ما يعقد مثل هذه المقارنات, خاصة عندما تكون اسرائيل طرفا. بقلم: شوقي رافع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق