الثلاثاء، 6 مارس 2012

الحب في زمن...

السفير/Feb 08, 1996

الحب في زمن ...
الغربة: ليلة رأس السنة في باريس، وقفت مع عبد ا" على ضفة نهر السين. قال: »من هنا نبدأ... وجميع الشفاه مستباحة«.فتحت ذراعي لأول فتاة، كانت شفتاها بطعم النبيذ، وتفوح من جسدها روائح الكرمة. قلت لعلها ليست باريسية، وهي ربما جاءت من الأرياف، مثلي، قلت أيضا: تحسبني باريسيù، وضحكت للفكرة.قال عبد ا" في بداية السهرة: هذه الناحية من النهر، في ليلة رأس السنة، مفتوحة للقبل، لا أحد يعرف الآخر، ولكن الشفاه تلتقي ثم... »أورفوار«، قال أيضا: ليالي باريس ليست وحيدة«.
...
وعلى وقع سنابك خيول عربية، بدأ الغزو، وقبّلت ثلاثة أميال من الشفاه الفرنسية (!)حسبت أنني أرد الكيل لنابوليون وغورو، ولكن في نهاية الميل الثاني، شعرت أن شفتي تحتاجان الى نصف نعل وربما إلى نعل كامل (!).قال عبد ا": أسرع، ما زال أمامنا ميلاً على الأقل...وركضت لاهثù... غير عابئ بالفرق بين القبلة و»التفُو« (!).الكوليرا: القبلة ليست عنوانù بل هي دخول في التفاصيل، أي هي معرفة، ولا حب بلا معرفة. ضع أمامك 20 طفلاً رضيعù من الصين، وحاول أن تميز بينهم. لن تقدر، ولكن أم كل واحد فيهم تستطيع أن تكتشف ولدها ولو بين عشرة آلاف رضيع... لأنها تحبه وتدخل في تفاصيله.بطل رواية »الحب في زمن

الكوليرا« انتظر حبيبته 50 عامù وعدة أشهر وبضعة أيام... وعندما هوى أخير على شفتيها بقبلة، استعاد فترة الانتظار كلها، فإذا هو يعيشها مجددù في لحظة واحدة.القبلة لا تعود قبلة إذا فقدت ذاكرة الحب.
* * *
الميليشيا: ... ومن القُبل ما قتل أو... كاد.
»
العاشقة الحمرا« هكذا كنا نسميها. كان لون شعرها أحمر، وكانت لا تفارق قائد قوات المدفعية في منطقة الكارلتون »أبو علي«. قيل إنها كانت خياطة، ولكن انتابتها فجأة الرغبة في أن تكون »مدفعجية« قالت »يا أبو علي... علمني« وعلمها أبو علي.وفي يوم جاءت مسرعة في »الجيب« العسكرية، قالت: هناك عملية إنزال إسرائيلي على الروشة، وسوف نتصدى له. أحتاج الى مصور. رافقت المصور على أمل أن نحظى بصورة ل»لعاشقة الحمرا« خلف المدفع وهي تتصدى للانزال.دخلنا مبنى كاراج مطل على البحر، قرب الكارلتون، كان فيه مدفع مضاد للطائرات، يجلس »أبو علي« على كرسيه، أشار إلى نقطة بيضاء بعيدة في البحر. قال: مدمرة إسرائيلية. تمتمت العاشقة: سوف أطلق عليها. تخلى أبو علي عن الكرسي وأخذت العاشقة مكانه. وليس من المعروف ما إذا كانت العاشقة شاهدت أفلامù عن »الحب في زمن الحرب« ولكنها طلبت فجأة أن تلتقط لها صورة وهي تقبّل أبو علي بينما هي تطلق النار...
...
وفي لحظة دوى انفجار رهيب أطاح بسقف الكاراج.لقد أطلقت العاشقة المدفع ولكنها أخطأت المرمى... ونقلت الى المستشفى.ونشرت صورتها في اليوم التالي باعتبارها من ضحايا الإنزال الإسرائيلي (!)
* * *
البورصة: .. والحب هو سلاح يمكن أن يهدد بورصة نيويورك. في 19 تشرين أول عام 1988، كانت الشائعة عن علاقة حب بين الرئيس جورج بوش وبين إحدى الموظفات على كل شفة ولسان، ولكن لم يجرؤ أحد على »نشر« الشائعة، وفجأة أعلنت إحدى المحطات التلفزيونية أن صحيفة »واشنطن بوست« سوف تنشر في عدد اليوم التالي »قصة الحب« بين الرئيس وبين الموظفة... انهارت سوق الأسهم في بورصة نيويورك 40 نقطة في ساعة واحدة، مما اضطر رئيس تحرير »الواشنطن بوست« »بن برادلي« أن يتخلى عن التقاليد ويظهر على شاشات التلفزيون، ليؤكد أن الصحيفة لا تملك مثل هذه القصة.. وهي ليست في وارد نشر أي شيء حولها... وهدأت البورصة...وعرف أهل البورصة معنى عبارة »يقطع الحب شو بيذل«.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق