الجمعة، 28 أكتوبر 2011

عن الحبارى والغاف.. والكتابة بالأنف


الإمارات بلد صعب أن يتكرر. كيف؟
نبدأ بالحكاية. الروائي الإيطالي جان جيونو كتب رواية بعنوان “ليبقَ فرحي دائماً” تحكي عن قرية جبلية نائية يقرر أهاليها أن يتعاونوا فيما بينهم وأن يزرعوا حقولهم معاً وأن يحصدوا الغلال معاً. وعندما فعلوا ذلك اكتشفوا بسعادة غامرة أن لديهم فائضاً من الوقت، فقرروا استغلاله في زراعة الورود، ومع أنها لا تؤكل إلا أنها تجعل الطبيعة من حولهم أكثر جمالاً، وانهمكوا بحماسة في زراعة الورود بمختلف ألوانها وأنواعها. ومع ذلك اكتشفوا مجدداً أن لديهم فائضاً من الوقت فناقشوا الأمر فيما بينهم وقرروا أن يهتموا بالعصافير كي تتكاثر في الطبيعة، وكذلك العناية بتربية الخيول والأفراس وسواها من الحيوانات التي تجعل البيئة من حولهم تفيض بالحياة.

وعندما تحقق لهم ذلك نظروا حولهم ثم بدأوا بالغناء، ومع أنهم كانوا يستغرقون معظم الأمسيات في تأليف الأغاني، إلا أنهم شعروا أنه مازال لديهم ما يفعلونه، إذ أنهم كانوا يشاهدون من آن لآخر جثث غزلان المسك تتكاثر بين شعابهم الجبلية، وكانوا يعرفون السبب. فأنثى الغزال كانت تعيش في بطن الوادي، بينما كان الذكر يتسلق الصخور الوعرة ليصل إلى قمة الجبل، وفي موسم الزواج كانت الأنثى تطلق رائحة المسك، وما أن يشمها الذكر حتى يسارع إلى تلبية النداء، فيبدأ بالقفز فوق الصخور عائداً إلى أنثاه، ولكنه في طريق العودة، وبسبب ثقل ما يحمله من عشق، كان يتعثر ويسقط ويلقى حتفه قبل أن يلاقي حبيبته. ومن هنا فقد قرر أهالي القرية أن ينتشروا في مواسم الزواج فوق قمم الجبال وأن يحملوا بين سواعدهم وفوق ظهورهم غزال المسك إلى الوادي كي يشاركوه متعة الاحتفال بلقاء الأحبة..
ونكتفي بهذا القدر من الرواية ونعود إلى الإمارات، فنجد أن هذا الفرح بالحياة يعبر عن نفسه بعشرات الصور يومياً، وهنا بعضها:
وزيرة الاقتصاد توقع في أثناء زيارة للجزائر اتفاق تفاهم على حماية طائر الحبارى، ومركز الإمارات لتنمية الحياة الفطرية في مدينة ميسور في المغرب يعلن عن إقامة محمية للحبارى. وهيئة البيئة في أبوظبي تكشف عن إنتاج ٥ آلاف فرخ من الحبارى سنوياً، سوف ترتفع إلى ما يزيد عن ١٠ آلاف عام ٢٠١١ لإطلاقها في الطبيعة.
وحكاية ثانية: تم هذا الشهر توزيع أكثر من ٣٠ ألف بذرة من بذور شجرة الغاف في إطار حملة “انهض وبادر بالعمل 2008″ التي تقوم برعايتها مبعوثة الأمم المتحدة للسلام سمو الأميرة هيا بنت الحسين.
وحكاية ثالثة: تستضيف القرية العالمية هذا العام للمرة الأولى جناح موسوعة جينيس للأرقام القياسية العالمية، وهو سيوفر للزائرين فرصاً مثيرة للتنافس في تحقيق أرقام قياسية عالمية جديدة من بينها أعلى صرخة وأعلى صيحة وأعلى تصفيق وأعلى تصفير.. وأسرع كتابة على الكمبيوتر باستخدام الأنف.
الحبارى والغاف والكتابة بالأنف وآلاف الرموز الأخرى تعيدنا إلى الرواية التي كتبها “جيونو” أثناء الحرب العالمية الثانية، وكشف فيها أن هناك شعوباً وجماعات، رغم المآسي والحروب والأزمات، مازالت تحلم وتعمل كي يبقى الفرح في الأرض دائماً..
..وليس صدفة أن يعود غزال المسك ليتوالد في الإمارات.




تعليق واحد




من قبل عفراء
بتاريخ نوفمبر 3rd, 2008 at 1:47 pm


جميلة هذه النظرة الإيجابية التي يفتقدها الكثير وربما معظم الذين يتحدثون
عن هذه البلاد .. يعجزون حقا عن رؤية مدى روعتها وكثرة النعم في أرضها وشعبها


ليت الجميع .. أو نصف الناس يرون هذه البلاد من تلك الناحية المدهشة


أخي ” شوقي ”
تقديري البالغ لسطورك العظيمة

هناك تعليق واحد:

  1. رواية "ليبق فرحي دائماً" في الترجمة العربية الأولى (1969) وفي الترجمة الثانية "ليكن فرحي دائماً" (1985) لم تكتب أثناء الحرب العالمية الثانية، بل في العام 1934، أي قبل اندلاع الحرب بخمس سنوات. للتصحيح فقط. أما تقييما لهذا الربط بين فرنسي الجنوب الفرنسي وبين بدو الصحراء المولعين بأكل الحباري .. واجتثاث الخضرة.. وتصحير الكون فهذا كلام نفاق ودجل .. وهبل.

    ردحذف