الأربعاء، 6 يونيو 2012

«الراي» و«كنوز العالم»

حكايات سياسية: «الراي» و«كنوز العالم»، التاريخ:

الملف السياسي: «اسعار النقانق هي ما يحسم معركة الرئاسة» كان ذلك عنوان تعليق نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الامريكية. اثر فوز بيل كلينتون على منافسه الجمهوري الرئيس جورج بوش. وكانت حملة كلينتون رفعت شعار «انه الاقتصاد يا غبي» والتعليق يكشف من دون مواربة او حياء ان من ينجح في تخفيض سعر «الهوت دوج» او النقانق، وهي تحتل مساحة واسعة من تراث المطبخ الامريكي، ومن المعدة الامريكية ايضا، هو من يحصل على صوت الناخب الامريكي ويفوز بثقته و.. الرئاسة.
العرب تقول «مفتاح قلب الرجل.. معدته». والمعدة ايضا مفتاح صوت الناخب الامريكي، ولكنه ليس المفتاح الوحيد، لأن احصائية نشرت مؤخرا، تقول ان تسعين في المئة من الامريكيين مدمنون على الموسيقى، وان معدل استماع الفرد فيهم للموسيقى هو ساعتان يوميا على الاقل، ومن هنا فان هوليوود تتوقع ان يبرز جيل من المرشحين للرئاسة بين المغنين والموسيقيين، بعد ان سبقهم الى ذلك جيل من الممثلين، ترشحوا للمناصب العامة، وكان ابرزهم الرئيس رونالد ريجان، ومن هنا هدأ السباق المحموم بين المتنافسين على استقطاب نجوم الغناء والموسيقى الاكثر شعبية في الولايات المتحدة. كوكاكولا و.. ذرة بالطبع لا يمكن اختصار معارك الانتخابات الامريكية، سواء على المستوى المحلي او القومي، بمفاتيح الطعام والطرب، ولكن يمكن القول، ومن دون مبالغة ان الهوت دوج والغناء والموسيقى هي جزء من القاموس السياسي الامريكي، ولم يكن صدفة ان يشير الرئيس ريتشارد نيكسون، في ذروة فضيحة ووتر جيت الى انه الرئيس الذي ادخل الكوكاكولا الى الصين، وتبعه الرئيس رونالد ريجان فأعلن انه هو من ادخل ماكدونالد الى الاتحاد السوفييتي السابق، بينما الرئيس الحالي جورج بوش الابن، لم يجد ما يضيفه، في خطابه امام المزارعين قبل ثلاثة اسابيع، سوى القول: ان علينا تصدير المزيد من الذرة التي تزرعونها الى الصين، وهذا يقضي بأن يمنحني الكونجرس حرية الحركة في عقد الاتفاقيات السريعة. ان الحديث عن كوكا كولا وماكدونالد والذرة هو حديث في السياسة، وهذا يعود بنا الى اللغة التي يتحدث بها العرب في مخاطبة الامريكيين. حملة ولكن بأي لغة؟ الجامعة العربية، بعد تفجيرات سبتمبر في امريكا، طلبت رصد ميزانية لمخاطبة الرأي العام الغربي، والامريكي بالذات لتحسين صورة العربي والمسلم، بعد ان تحول رمزا للارهاب، والمشروع طموح بالتأكيد، وهو لا يقتصر على الجامعة العربية، بل ان دولا عربية ومنظمات وافرادا بدأوا بالفعل حملة في اجهزة الاعلام وفي الجامعات وفي الكنائس الامريكية لاقناع الرأي العام بأن الاسلام هو دين سلام ومحبة واعتدال، وان الابتسامة في الاسلام هي نوع من الزكاة، كما فعل المجلس الاسلامي الامريكي في حملته الاعلانية مؤخرا. اذن الحملة الاعلامية ضرورية، ولكن استخدام العبارات السياسية المباشرة، سواء في الاعلانات المدفوعة في الصحف، او في المحاضرات والندوات والبرامج الاذاعية والتلفزيونية لا تخاطب سوى النخبة، او القلة، اما الرأي العام فان اهتماماته تبقى في مكان آخر، فكيف يمكن الوصول اليه وتقديم صورة مختلفة للعربي وللمسلم تختلف عن الصورة التي رسمتها منظمة القاعدة وطالبان؟ كنوز العالم؟ هناك تجربتان مثيرتان للاهتمام، وربما هناك تجارب اخرى لم اطلع عليها، تستحقان الوقوف امامهما، وكلتاهما بدأتا في نيويورك المدينة التي تغيرت وغيرت وجه امريكا. الاولى يلخصها مدير متحف المتروبوليتان اشهر متاحف نيويورك، فيليب دي مونبلييه، في مؤتمر صحافي عقده، قبل ايام، وقال فيه: نود التنويه بالقرار الشجاع بارسال المعرض الذي يحتوي على مئات من تحف المجوهرات الفنية التي لا تقدر بثمن من مجموعة الصباح الخاصة الى نيويورك من دون تردد، والمعرض الذي كان يقصده مدير متحف المتروبوليتان بحديثه هو معرض «كنوز العالم: فنون المجوهرات الهندية من حقبة الاباطرة المغول»، وهذه التحف يملكها المستشار الخاص لولي عهد الكويت الشيخ ناصر صباح الاحمد الصباح وعقيلته الشيخة حصة، ضمن مجموعة فنية تعتبر من اندر مجموعات العالم، وقد استمر عرضها في المتحف مدة عشرة اسابيع وبلغ عدد زوارها 200 الف زائر، وقال مدير المتحف: ان هذا الكرم الغامر للشيخ ناصر وعقيلته يتحدث عاليا عن تفانيهما في تقديم امثلة عن المساهمات التي قدمها الدين الاسلامي للثقافة العالمية من خلال مجوهرات تعكس ثقافة وحس حكام المغول المسلمين الذين حكموا الهند في واحد من ازهى العصور الاسلامية والذي شهد بناء ضريح تاج محل». وكان قد افتتح المعرض يوم 15 اكتوبر، وشارك في افتتاحه عمدة المدينة رودلفو جولياني والامين العام للامم المتحدة كوفي عنان، وقال فيه:«ان المعرض مساهمة جاءت في وقتها المناسب لدعم الحضارات.. وما تضمنه من فنون اسلامية يوضح مدى التأثير الذي تركته هذه الحضارة العظيمة على مسيرة تقدم الانسان». موسيقى العرب التجربة الثانية بدأت في نيويورك ايضا، الاسبوع الماضي، وابرز روادها ثلاثة هم: حكيم وجاء من مصر وخالد وجاء من الجزائر وشاهين الفلسطيني، الثلاثة هم نجوم فرقة «الراي» للغناء والموسيقى، والراي، كما هو معروف، فن جزائري كان يغنى في الحفلات الخاصة، ثم انتقل الى العلن، مع الشبان والشابات، وازدهر في اوساط الجالية الجزائرية في فرنسا، وهو اليوم الاكثر شعبية في امريكا، بعد ان طبعت فرقة «ارك 21» وهي الفرقة التي ينتمي اليها النجوم الثلاثة ، ملايين النسخ من ألبومها، وهو يحمل عنوان «الموسيقى العربية تتجه غربا». الفرقة وفقا لصحيفة «نيويورك تايمز» كان مقررا ان تبدأ عرضها يوم 13 سبتمبر الماضي، ولكن تفجيرات نيويورك قطعت عليها الطريق، فمن كان يجرؤ في تلك الفترة ان يحكي او يغني بالعربية، وتنقل الصحيفة عن مدير اعمال الفرقة قوله: «بعد «11» سبتمبر فان الامريكيين باتوا اكثر اهتماما للتعرف على الثقافة الاسلامية، ورب ضارة نافعة». فالامريكيون بدأوا يتهافتون للحصول على القرآن الكريم وكأنهم يتهافتون على الكعك الساخن، وكاسيتات الدروس بالعربية نفدت من الاسواق، كما لاحظنا اهتماما متزايدا بالموسيقى، وكل هذا اضاف بعدا جديدا، لقد بات هناك هدف سياسي ايضا لجولتنا في الولايات المتحدة وكندا. الفرقة قدمت عرضا امام المنتدى الاقتصادي وقد عقد مؤخرا في نيويورك، وتناولتها وسائل الاعلام الامريكية بالمديح، وافردت لها المجلات صفحات كاملة. يقول خالد: «ان المتطرفين هم قلة من الناس الأشرار.. نحن نسهر ونعيش مثل باقي الناس». كنوز العالم وفرقة الراي قاموس عربي واسلامي جديد اثبت فعاليته في تغيير صورة العربي والمسلم وفي مخاطبة الرأي العام الأمريكي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق