الاثنين، 14 مايو 2012

الافغاني العربي مطلوب ميتاً أو... ميتاً، بعوض و.. مستنقعات

الملف السياسي ـ حكايات سياسية ـ التاريخ:

أسامة بن لادن رئيس تنظيم القاعدة، ربما كان محظوظا، فهو «مطلوب حياً او ميتاَ»، اما الافغاني العربي فهو اقل حظاً، اذ انه «مطلوب ميتاً أو.. ميتاً» فقد قتل في تمرد قلعة جانجي 400 اسير على الاقل من الافغان «الاجانب» وقتل في مزار الشريف 600 اسير، وفقاً لمصادر الصليب الاحمر الدولي، وقتل على مشارف كابول 70 اسيراً بطلقة في الرأس، ومعظم هؤلاء من الافغان العرب، وحظوظهم ربما لن تكون اوفر في قندهار لا احد بالتأكيد يعلن براءة الافغان العرب من الارهاب، ولكن الادانة لا يمكن ان تتم من دون محاكمة والقضاء هو السلطة الثالثة في الديمقراطية واذا ألغيت هذه السلطة فإن قوانين الانتقام تسيطر وفي ظلها يتساوى الجميع، وليس للافغان ولا لكثير من العرب ما يخسرونه، باستثناء احلامهم.. بالديمقراطية، وذروة المفارقة هي ان المثل العربي يقول: انت لا تستطيع ان تقتل البعوض كله ولكنك تستطيع تجفيف المستنقع» ومع ذلك فإن في الغرب مازال هناك من يحاول قتل البعوض بينما المستنقعات تزداد عمقاً واتساعاً.
هجمة على الحضارة أم هجمة على الارهاب؟ كان هذا هو العنوان الذي اختاره وزير الدولة السابق للشئون الخارجية في دولة الكويت سليمان ماجد الشاهين للورقة التي طرحها في منتدى حوار الحضارات وقد عقد في القاهرة يوما 26 و27 نوفمبر الماضي في مقر الجامعة العربية ونقتبس من الورقة التالي: «ان ظاهرة الافغان العرب اصبحت حقيقة لا مناص من مواجهتها والتعامل معها، وهذا التعبير لا يتعلق بالضرورة بمن حارب في افغانستان، وإنما يطلق على جميع المشردين ممن يحملون افكاراً منحرفة عن سماحة الدين الحنيف ووسطيته، قادتهم عن يقين او تلقين، الى اقتراف جرائم باسم الدين او طلبا للشهادة او تأدية لفريضة الجهاد وغيرها من التبريرات التي يقدمها مدعو الفتاوى..» عفو عام باستثناء المطلوبين ويضيف سليمان ماجد الشاهين في ورقته: ولهذا ليس بغريب ان نسمع عن مئات من الشباب العربي وربما الآلاف ينتشرون بأسلحتهم المشّرعة ضد مواطنيهم او في مفازات الشيشان وغابات مندناو وكهوف قندهار وسهول البوسنة او في المدن الغربية الجميلة وفي حالة عدم تعاملهم مع السلاح فإنهم يعيشون اغترابا في اوطانهم او مهاجرهم يحملون قلقا او احقادا حيال المجتمعات التي تضمهم ويحلمون بالجنة التي يقيمونها على الارض لو سادوا فيها.. مثل هؤلاء هل يمكن معالجة اوضاعهم باعلان عفو عام عنهم مع التأكيد على عدم ملاحقتهم في معيشتهم وحياتهم باستثناء المطلوبين في جرائم اقترفوها، ومطلوبين للعدالة بشأنها؟ والاجابة عند الوزير الكويتي السابق هي: ان التدارس القانوني والانساني لمثل هذا الاعلان المشترك او المنفرد، وفق قوانين كل دولة سيستوعب الكثير من هؤلاء ويمكن ان يعيدهم مرة اخرى الى اوطانهم بحيث يكونون تحت سمع وبصر حكوماتهم ومسئوليهم. اذن هي دعوة صريحة وواضحة الى العفو العام عن الافغان العرب باستثناء المطلوبين منهم يطلقها وزير كويتي سابق باعتبارها حلا لمشكلة هي عربية في الاساس من دون ان ننسى ان هذه الدعوة تقوم على خلفية ان الناطق باسم تنظيم «القاعدة» الشيخ ابوغيث هو «كويتي» اسقطت جنسيته، كما انه وفقا لارقام متداولة في الكويت، فإن هناك حوالي 60 كويتيا التحقوا بالافغان العرب، والرقم ليس صغيراً قياساً الى عدد سكان الكويت، وصغر حجم «الديرة» التي تعرف العائلات فيها العائلات الاخرى بأسماء الاجداد مرورا بالابناء ووصولا الى الاحفاد. العفو العام هل ينهي المشكلة؟ تقرأ من كتاب «الوصية الاخيرة» لزعيم تنظيم الجهاد المصري وحليف اسامة بن لادن في تنظيم القاعدة ايمن الظواهري، وتنشر الزميلة «الشرق الاوسط» حلقات منه: المقطع التالي على لسان الظواهري: «ان الامر الهام هو ان هذه المعارك التي تعلوها رايات غير اسلامية او رايات مختلطة قد اضاعت الحدود الفاصلة بين الاولياء والاعداء في منظور الشباب المسلم فأصبح العدو مشكوكاً فيه، أهو العدو الخارجي الذي يحتل ارض المسلمين، ام هو العدو الداخلي الذي يمنع الحكم بالاسلام ويبطش بالمسلمين، وينشر الفجور، والانحلال تحت شعارات التقدم والحرية والقومية والتحرير، سائقا الاوطان الى هاوية الدمار الداخلي والاستسلام للعدو الخارجي، كما هو حال معظم بلادنا في ظل النظام العالمي الجديد؟ الظواهري لا يترك الاجابة ملتبسة حول ان العدو الداخلي هو من يستأثر باهتمامه فيقول: «كما كانت ساحة افغانستان وخاصة بعد انسحاب الروس نموذجا عمليا على جهاد الحكام الخارجين عن الاسلام، المتحالفين مع اعدء الاسلام الخارجيين ، فقد كان نجيب الله في افغانستان نموذجا متكرراً فهو يصوم ويصلي ويحج وفي نفس الوقت يمنع الحكم بالاسلام ويتحالف مع اعداء الاسلام ويدخلهم لبلاده ويبطش بالمسلمين المجاهدين. دعم شعبي وتبرعات ويعتقد زعيم تنظيم الجهاد وحليف اسامة بن لادن ان الافغان العرب يعبرون عن تيار شعبي عربي واسلامي عام فيقول: «اخبرني اسامة بن لادن بقدر الدعم الشعبي العربي للمجاهدين الافغان الذي نما الى علمه ـ في الجانب العسكري فقط ـ بمئتي مليون دولار «200 مليون» على مدى عشر سنوات فما بالك بالدعم الشعبي في المجالات غير العسكرية، مثل الجانب الصحي والطبي والتعليمي والحرفي والغذائي والاجتماعي.. ناهيك عن التبرعات التي كانت تأتي في المواسم، مثل العيدين ورمضان. ويضيف: وعبر هذا الدعم الشعبي غير الرسمي اقام المجاهدون العرب مراكز التدريب والدعوة وانشأوا الجبهات التي دربت واعدت وجهزت الآلاف من المجاهدين العرب، ووفروا لهم الاعاشة والسكن والسفر والتنظيم. اذا صح كلام الظواهري وهو غالبا صحيح، فكتابه يحمل عنواناً آخر هو «فرسان تحت راية النبي» فإن الحديث عن «الافغان العرب» لا يتعلق بمجموعة افراد من كل دولة، بل بالآلاف وهو ما تؤكده جهات التحقيق عن الارهاب في الغرب . ففي تقرير من ثلاث حلقات نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية يوم 28 نوفمبر الماضي نسب الى رئيس وكالة الامن الجنائي الاتحادية في المانيا، اولريخ كيرستن قناعته بأن حوالي 70 الفا من المتطوعين المسلمين تم تدريبهم في معسكرات اسامة بن لادن وان منظمات اسلامية رئيسية ومنظمات خيرية قدمت مساعدات عملية، بما فيها النقود الى اعضاء القاعدة. وفي غياب تحديد لمواصفات البعوض وفي غياب نظام قضائي لمحاكمة المشبوهين بأنهم بعوض، فإن الفوارق بين الافغان العرب وبين الحالمين بالديمقراطية تختفي ونصبح جميعا مشاريع بعوض.. وما اكثر المستنقعات! بقلم: شوقي رافع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق