الجمعة، 4 مايو 2012

هل تذكرون خط برلين ــ بغداد و.. يونس البحري؟الشبح... والزوجة الرابعة

حكايات سياسية: بقلم- شوقي رافع -التاريخ:

(الشبح) هو اللقب الذي أطلقه سكان القدس على الأمير فردريك عندما ظهر في شوارع مدينتهم لأول مرة عام ,1869 الأمير البروسي صار فيما بعد امبراطور ألمانيا, وكان ظهوره في القدس, وفقا للباحثة البريطانية برباره توكمان, رسالة من السلطان العثماني إلى دول الغرب الطامعة في امبراطوريته المترامية الأطراف, وفي طليعة تلك الدول انجلترا, وكان الظهور المفاجىء والغياب السريع للأمير هو مادفع السكان إلى اطلاق لقب (الشبح) عليه, وتداول الروايات الكثيرة عنه.
وبعد ثلاثين عاماً تكررت هذه الزيارة الامبراطورية, عندما زار ويلهلم الثاني مدينة القدس مع حاشية كبيرة وحرص على أن يشاهده الجميع, بمن فيهم (عيون) الدول الطامعة, كما حرص السلطان العثماني بدوره على الحفاوة به, بل واكثر من ذلك فقد أقطعه أرضاً في القدس, تعود ملكيتها له ولذريته, السلطان عبدالحميد كان شديد الاعجاب بشخصية القائد الألماني بسمارك, وتطور هذا الاعجاب إلى تعاون عثماني - ألماني في مجالات واسعة, من بينها ما اقترحه (مجلس برلين) من انشاء خط للسكك الحديدية يربط مابين برلين وبغداد, مروراً باسطنبول, كانت عيون الألمان على الشرق, ومع أنّ آلتهم العسكرية, لم تكن أقل كفاءة من انجلترا أو روسيا إلاّ أنهم اختاروا أن يفتحوا الشرق, وسورية بالذات, عبر المشاريع الاقتصادية, وفي طليعتها انشاء البنك الألماني الفلسطيني الذي تحول, وفقاً للباحثة البريطانية, إلى قلعة لحماية الامتيازات الألمانية, وقد خسر التحالف العثماني - الألماني الحرب العالمية الأولى, ولكن ظهور (الشبح) في القدس هو ما شجّع مفتي فلسطين الحاج: أمين الحسيني على ردّ الزيارة واللجوء إلى برلين, ومع الحاج أمين ظهر يونس البحري, في خلال الحرب الثانية, مع برنامج (حي العرب... هنا برلين) وهو برنامج على مايروي المخضرمون كان يستقطب المستمعين العرب مابين المحيط والخليج, رغم ندرة أجهزة الراديو في تلك الفترة, وكثير من أولئك المستمعين مازالوا يحفظون عبارة (ألمانيا فوق الجميع) وباللغة الألمانية (!) حفيد رومل و... مرسيدس ألمانيا المعاصرة لم تعد فوق الجميع, وكان المستشار هيلموت كول هو من هدّد بسحب جواز السفر الألماني من حفيد ثعلب الصحراء (رومل) لأن الحفيد كان يرأس مجلس ادارة شركة ديمبلر - بنز في شتوتجارت, وهي من ينتج سيارات مرسيدس, و(الشبح) من بينها, وقد رأى هذا الحفيد أن باستطاعته توفير مليارات الماركات إذا قام بنقل مصانع الشركة إلى دول أوروبية وفي العالم الثالث حيث الأيدي العاملة أقل كلفة, وعندما فعل غلت مراجل الغضب لدى المستشار, وقال أنّ المارك الألماني لا يصلح وحده أن يكون هوية لشعب, ولكن حفيد رومل لم يقتنع لأن الشركة, وليست ألمانيا, فوق الجميع. شرويدر ومعركة فولكسفاجن ولعلّ هذه هي المشكلة الرئيسية التي تواجه المستشار الجديد جيرهارد شرويدر, فهو وقبل ان ينتخب مستشاراً كان رئيس وزراء محلي في مقاطعة ساكسوني السفلى, وفيها تقع مصانع سيارات فولكسفاجن, وكان سكان المقاطعة يعتبرون شعار فولكسفاجن علمهم القومي لأن آلافاً من أبنائهم يعملون في مصانعها, ولكن حمى (العولمة) اجتاحت الدول ولم توفر الشركة حين تكاثرت العروض لشرائها أو لدمجها مع شركات أخرى, مما يهدد المقاطعة بأن تخسر رمزها, وتحويل أبنائها إلى عاطلين عن العمل, ولكن شرويدر كان بالمرصاد إذ سارع إلى شراء أغلبية الأسهم في فولكسفاجن وأقفل الباب أمام أي عرض للشراء أو للدمج, وبالطبع قامت قيامة أنصار السوق الحرة والمفتوحة واتهموه بمحاولة بعث القومية الألمانية, ولكن الشيوعي السابق والاشتراكي الديمقراطي حاليا, ردّ قائلا: إن الدفاع عن مصالح الألمان لايتعارض بالضرورة مع أوروبا الموحدّة. المستشار و... اميل البستاني هل قلنا أن المستشار شرويدر كان شيوعيا؟ نعم, وكانت أمّه (غسّالة) , وتقوم بتنظيف المنازل مقابل أجر (!), وهو مايذكرنا بالمليونير اللبناني الراحل إميل البستاني, فقد كانت أمه بدورها (غسّالة) وتخدم في بيوت الآخرين, ولكنه بنى امبراطورية عقارية وخدماتية وصناعية يمكن ان تضاهي امبراطورية الرئيس رفيق الحريري, لولا ان القدر لم يقطع عليه رحلة المجد, ويودي به في حادث طائرة مازال يحيط به الغموض حتى يومنا هذا. ... وتعدد الزيجات المستشار السابق ليس شيوعياً سابقاً فحسب, ولكنه أيضاً متزوج أربع مرات, وهو مادفع حزب الاتحاد المسيحي المنافس إلى أن يرفع شعار: (إن شرويدر يغيّر سياسته قدر مايغيّر زوجاته) ولكن هذا الشعار ارتد عليه, عندما جعل شرويدر عبارة (التغيير) شعاراً لحملته الانتخابية وفي هذا السياق فإن مياه تغيير الزوجات صبّت في طاحونته الانتخابية, بل واكثر من ذلك, فأن العلاقة مع زوجته الرابعة دوريس هي ما أدى الى انهيار زواجه الثالث مع السيدة (هيللو) وكانوا يطلقون عليها لقب: هيلاري كلينتون الهانوفرية, نسبة الى هانوفر, ولكن من حسن حظ شرويدر أنه كان مرشحاً في ألمانيا وليس في امريكا, وفي ألمانيا مازال الشعب يعتبر أن الحياة الخاصة للرئيس ليست ملكية عامة, وأن الرئيس يمكن أن يدلي باعترافاته للقسّ في الكنيسة وليس على الانترنت... ويروي صديق للمستشار الألماني المقبل حكاية أقرب إلى الأسطورة, فهو يقول: قبل 15 عاما كنت في حانة مع شرويدر, وكانت الحانة تقع في الجهة المقابلة لمبنى البرلمان في بون, وعند منتصف الليل غادرنا الحانة وقررنا القيام بدورة حول المبنى, وعندما وصلنا إلى غرفة المستشار صعد شرويدر وتعلق بافريز نافذة المستشار, وصرخ: دعني أدخل, وليس من المعروف ما اذا كان المستشار كول قد سمعه, ولكن الناخبين الألمان سمعوه بالتأكيد وفتحوا له الباب ليدخل قلوبهم... والتاريخ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق