الخميس، 17 مايو 2012

ما مصير الاحزاب الدينية عندما يتقاعد الشيطان عن العمل السياسي؟...

ما مصير الاحزاب الدينية عندما يتقاعد الشيطان عن العمل السياسي؟ حزب الله الديمقراطي... ولم لا؟ الاحزاب المسيحية والشيوعية السابقة - التاريخ:

مذا يحدث للأحزاب الدينية اذا تقاعد الشيطان عن العمل السياسي, بعد ان كاد يتقاعد عن النشاط الاقتصادي والاجتماعي؟ الإجابة تغطي اربع زوايا الارض, فمن روما الى اسبانيا الى بولندا ومن افغانستان الى ايران ومن تركيا وصولا الى لبنان يخوض الشيطان معارك على كافة الجبهات و,هو يكسب بعضها ولكنه يخسر الحرب او.. يكاد, فإذا بالمؤمن البابا والملحد نبدأ ميدانيا من ذلك العناق الحار في بولندا الصيف الماضي, وقد جمع البابا يوحنا بولس مع الرئيس البولندي الحالي الكساندر كواسينكي, البابا بولندي الاصل وهو قمة الكنيسة الكاثوليكية بينما الرئيس البولندي شيوعي سابق يقود اليوم الحزب الاشتراكي الديمقراطي وهو الاسم العصري للحزب الشيوعي, ويواجه في معركة التمديد له مدة خمس سنوات اخرى منافسين احدهما جنرال متقاعد والثاني زعيم نقابات (التضامن) سابقا ليش فاليسيا,
وقد قيل في وصف هذا الاخير مرة انه يرضع من ثديين: كنيسة روما ووكالة الاستخبارات الامريكية وليس من المعروف ما اذا كان قد فقد الثديين معا, ولكن بالتأكيد فإن دعوة بابا روما للرئيس الشيوعي السابق لمرافقته في عربته البابوية, ثم عناقه امام الجماهير البولندية في العام الماضي, احال الشيطان للتقاعد عن العمل السياسي في تلك البلاد, وتحقق حلم الشاعر البريطاني وليام بليك في (ان ينام الذئب في حضن الحمل) وربما بعد كل شيء تكون البرامج الاصلاحية للملحدين اكثر قدرة على اصلاح المجتمع ورفع مستوى حياة الناس من كتاب للصلاة يتلوه على جميع المؤمنين قائد عمالي سابق او جنرال متقاعد, ولعل روما تعيد مباركة الرئيس البولندي الملحد لفترة رئاسية جديدة, كما توحي مجلة (الايكونوميست) البريطانية. ضد الشيطان والفاتيكان وجبهة العمل السياسي الوحيدة التي يتقاعد فيها الشيطان (اذ انه قادر ان يتلبس عشرة آلاف شخص في وقت واحد وفي جميع انحاء العالم) كما يقول الاب غابرييل امورث وهذا الاب عمره اليوم 75 عاما امضى معظمها في مطاردة الشيطان وطرده من الاجساد التي يتلبسها وهو ابرز (المطهرين) في كنيسة روما, مركز الفاتيكان ولكن الاب غابرييل لم يعد يقاتل الشيطان وحده بل والفاتيكان ايضا ووفقا لتقرير نشرته صحيفة (صانداي تايمز) البريطانية فإن الاب غابرييل يقود ثورة في الكنيسة الكاثوليكية ضد (دليل جديد) وضعه الفاتيكان ويطلب فيه من القساوسة الامتناع عن مواجهة الشيطان المتلبس في الجسد والتوقف عن (التحقيق) معه لانتزاع اعترافاته بقوة الانجيل تاركين هذه المهمة لاطباء التحليل النفسي والدليل الجديد هو نتاج عمل وبحث بدأته لجنة كنسية مع خبراء لغويين منذ عشرين عاما يهدف الى تطوير الخطاب الديني, واعادة رسم صورة للشيطان اقل سذاجة واكثر تعقيدا وبدلا من اطلاق اسماء عليه من نوع: امير الظلام وملك الغواية وابو الغرائز يقترح الدليل الجديد الاشارة اليه باعتباره (اصل الشر) ويرى ان ما يسمى (عين الشيطان) التي تصيب البشر ما هي الا نوع من التطهير وبالتالي فإن مهمة علاج ضحايا (العين تقع على عاتق اطباء التحليل النفسي وليس على رجال الدين) . ويقول عالم (الشيطانيات) ومؤلف كتاب : (سيرة الشيطان في التاريخ) الباحث البريطاني بيتز ستانفورد (ان البابا يعتقد بأن الحديث عن الشيطان يرسم صورة للكنيسة تجعلها تنتمي الى العصور الوسطى وتبعدها عن الزمن الراهن) . ومع ذلك فالأب غابرييل ما زال يتابع ومن روما حربه ضد الشيطان والفاتيكان معا, وهو ليس وحيدا, اذ ان (طرد الارواح الشريرة) هي مهنة قديمة, سبقت ظهور المسيحية واستمرت في ظلالها ولعل مسرحية (ساحرات سالم) للمؤلف الامريكي آرثر ميلر, وقد تحولت الى فيلم سينمائي ومسلسل تلفزيوني شهير, كانت احد الاسباب التي دفعت الكنيسة الى وضع الدليل الجديد, اذ ان طرد الارواح عندما يقوم به رجل الدين عبر ضرب الضحية وجلدها بالسوط او بإثارة هلعها ونشر الفزع والرعب في قلبها بصور من العذاب الجهنمي هو المدخل للقتل (الشرعي) ... وما اكثر من سقط من الضحايا... ولا يزال. اسبانيا وحروبها التاريخية اما في اسبانيا فإن الكنيسة ما زالت تخوض حروبها (التاريخية) ولا يضيرها احيانا ان تنقل البندقية من كتف الى كتف وتقوم بتغيير الحلفاء فالكنيسة الاسبانية ما زالت تعاني من (التركة الثقيلة) التي حملتها بسبب تأييدها للديكتاتور فرنكو خلال الحرب الاهلية بين اعوام 1936 و1939 ومع انها ومنذ وفاة الجنرال فرانكو قبل 20 عاما تحاول الابتعاد عن السياسة الا ان عددا كبيرا من رجالها لم يوفروا جهدا في دعوة المؤمنين الى تأييد مرشح حزب الشعب خوسيه ازنار, وقد نجح في الانتخابات الاخيرة. ولكن ازنار ليس ملاكا فهو يرفض وضع المزيد من القيود على حرية الاجهاض كما انه يرفض ايضا ان يجعل التعليم الديني والاخلاقي اجباريا في المدارس الاسبانية ولعل المفارقة ان مقاطعة كتالونيا التي استباحها الجنرال فرنكو باسم (الصليبية الكاثوليكية) كانت مع الكنيسة هي من منح الرئيس ازنار الاغلبية الساحقة في الانتخابات الاخيرة, ومجددا ينام الذئب مع الحمل في حضن ازنار هذه المرة. المسلمون من ايران الى لبنان وماذا عن العالم الاسلامي؟ بالتأكيد ان المواجهة في ايران بين الاصلاحيين والمتشددين ليست مواجهة بين ملائكة وشياطين, قد يكون عنوان الخلاف هو العلاقة مع (الشيطان الاكبر) ولكن الجميع يشرب من بئر الايمان نفسها وان اختلفت الاجتهادات. ان الشيطان بالمعنى الديني يقف في هذه المواجهة على الحياد, وهو ما اكتشفه المجاهدون الافغان, وان متأخرا فالمفاوضات الاخيرة بينهم تقوم على تقاسم السلطة على الارض بعد ان فاضت بالقبور, وليس على الارواح في مملكة السماء, اما في تركيا فإن حزب الله الكردي, وقد كان في السابق يختار ضحاياه من بين (شياطين) حزب العمال الكردستاني, وبموافقة من الحكومة العلمانية تصل حد التواطؤ, فإن هذا الحزب تحول الى ضحية للحكومة العلمانية وهو يبحث حاليا عن حلفاء من بقايا الشياطين القدامى. ان الشيطان هذا ايضا يبتعد عن صورته التقليدية اذ ان شيطان الامس قد يصبح ملاك اليوم. حزب الله اللبناني ووصولا الى حزب الله في لبنان, اذ ان هذا الحزب الديني كان رائدا في لعب دور تجاوز محيطه المحلي الى الاقليمي والدولي, واستطاع انتزاع نصر فشل العرب والمسلمون في صنعه على مدى 50 عاما, وهو اليوم ينتصب منارة مضيئة على شواطىء وعرة تهدد صخورها السوداء شعوبا ودولا, وما يجري في الجزائر وفي السودان هو نموذج فحسب لما قد يحمله الآتي من الايام. ماذا يفعل حزب الله بعد ان تنسحب اسرائيل من الجنوب وأية علاقة سوف ينسجها مع المسيحيين فيه؟ واذا قرر ان يبقى حزبا اسلاميا صرفا افلا يستدعي هذا بالمقابل قيام حزب مسيحي مشابه وماذا عن باقي القوى والاحزاب بما فيها الحزب الشيوعي الملحد؟ ان دماء الشهداء من حزب الله هي الاكثر غزارة في الجنوب وهي ما طارد الشيطان الاسرائيلي حتى طرده, ولكن هذه الدماء تمتزج مع دماء اخرين, من الفلسطينيين ولعل حزب الله وحده هو القوة القادرة اليوم على صنع بوتقة ينصهر فيها الجميع و... تتسع للجميع. ان الاحزاب الدينية في الغرب ومثلها الاحزاب الشيوعية نجحت في اختصار تحولاتها باضافة كلمة واحدة الى اسمائها وهي الديمقراطية, وما يجمع الحزب المسيحي المؤمن في المانيا والاشتراكي الملحد في بولندا هو الديمقراطية. هل نبالغ اذا قلنا: حزب الله الديمقراطي؟ وهل يستحق الجنوب اقل من هذا؟ بقلم: شوقي رافع

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق