الجمعة، 11 مايو 2012

تقرير كشف عن سقوط 25 إلى 40 قتيلاً امريكياً، ليس للنشر

الملف السياسي ـ حكايات سياسية ـ التاريخ:

سؤال: هل سقط اي قتيل عسكري امريكي في حرب افغانستان؟ جواب: واحد فقط ولم يكن عسكريا فقد كان يعمل مع الـ «سي.آي.ايه». سؤال: ولكن هناك قوات امريكية برية تشتبك مع قوات طالبان في مواجهات شرسة الم يسقط بينها قتيل او جريح؟ جواب: لا... والسبب هو اننا بدأنا نقوم بما يقوم به البريطانيون بطريقة جيدة، صرنا نكذب، وعلى طريقة «وعادت كل طائراتنا الى قواعدها سالمة» اذن لم يسقط اي قتيل عسكري امريكي في حرب افغانستان واذا سقط.. فالنشر ممنوع..
ان الاعلام ايضا في حالة حرب. يوم الاحد (18) نوفمبر في العام 2001، وفي الساعة 11.30 بتوقيت الساحل الشرقي في امريكا بثت وكالة «يو.بي.آي» الامريكية، تقريرا كتبه محلل شئون الارهاب في الوكالة العالمية ريتشارد سيل من نيويورك، عنوان التقرير: الخسائر غير المعلنة للقوات الامريكية والقوات البريطانية الخاصة وابرز ما جاء في التقرير هو التالي: ان البنتاجون لايعلن عن الخسائر الميدانية التي تقع في صفوف القوات الخاصة التي تقاتل في الجنوب قرب القاعدة الرئيسية لقوات طالبان في قندهار وكذلك في المواجهات التي تقع مع مراكز لطالبان وفقا لتوقعات مسئولين في الادارة الامريكية. ويقول مصدر في الادارة: ان هذا يمكن ان يشمل بعض الضحايا، أضاف طالبا عدم نشر اسمه، ان هناك تقديرات بأن 25 إلى 40 أمريكيا قتلوا حتى الآن خلال الاشتباكات، ولكنه اعترف بأن هذه الأرقام وردت في تقارير وبرقيات لم يمكن تأكيدها حتى الآن. النار الصديقة والمعادية ويضيف تقرير الوكالة الدولية الرصينة على لسان مسئول في الحكومة الأمريكية ان البنتاجون يسجل الخسائر البشرية في احدى العمليات وعلى أساسها يضع التخمينات. ويؤكد التقرير: لقد وقعت خسائر بسبب «النار الصديقة» أي نيران القوات الأمريكية نفسها غير ان معظم الضحايا سقطوا اثناء المعارك الشرسة ضد طالبان التي هي الأكثر وحشية حتى اليوم في بعض المناطق وفقا لما يقوله المسئولون الأمريكيون. وتضيف هذه المصادر ان القوات الخاصة البريطانية وخلال عملياتها في أفغانستان منيت بدورها بخسائر بشرية لم يتم الاعلان عنها، كما ان السفارة البريطانية لم ترد على مكالماتنا الهاتفية. وينقل التقرير عن مصدر استخباري أمريكي قوله: ان الادارة تتعامل مع الحرب بطريقة مختلفة، لقد بدأنا نقوم بما يقوم به البريطانيون بطريقة جيدة، صرنا نكذب وعلى طريقة «وعادت كل طائراتنا إلى قواعدها سالمة» وقال هذا المصدر انه رأى تقارير عن سقوط ما يتراوح بين 25 و 40 قتيلاً امريكياً ولكن هذه الأرقام وردت في برقيات وتقارير لم تكن مؤكدة، أما بالنسبة للخسائر البشرية فقد أكد هذا المصدر الاستخباري انها وقعت فعلاً وقال: انظر أنت لا تستطيع ان تخوض حرباً وانت مضطر من دون ان تمنى بخسائر، إننا نخوض الحرب مضطرين. رامسفيلد الحقيقة لآخر مرة وينقل محلل شئون الارهاب في الوكالة الاخبارية على لسان جون بايك رئيس منظمة الامن العالمي ومركزها في واشنطن قوله: ان الصحافة لا تستطيع ان تشكو بأنها لم تتلق التحذير في اشارة إلى المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الدفاع دونالد رامسفيلد الشهر الماضي عندما حشره الصحافيون بالسؤال حول حطام طائرة الهيليوكبتر الأمريكية التي عرضتها طالبان، وقالت انها أسقطتها بينما أكد البنتاجون انها سقطت في حادث، فقد نظر الوزير في نهاية توضيحاته الى الصحافيين وقال ما معناه: انها المرة الاخيرة التي اخبركم فيها بالحقائق، ويضيف بايك: اعتقد ان هذا ما كان يعنيه فعلا. لاخسائر؟ ولكن هذا جنون ويسترجع تقرير الوكالة بعض السوابق التي بني عليها الموقف الامريكي، فينقل عن لسان مسئول في الاستخبارات الامريكية انه في خلال حرب البوسنة «كانت هناك خسائر بشرية في تلك الحملة لم يتم الاعلان عنها اطلاقاً، واعتقد ان البنتاجون حسبها كالتالي: يا للجحيم، لقد نفذنا بها في تلك الحملة، فلماذا لا نفعلها مجدداً؟». ويقول التقرير ان وزير الدفاع رامسفيلد، اعترف امس وفي خلال رحلة الى ولاية ايلينوي، ان فرق الكوماندوز الامريكية تعمل في جنوب افغانستان على اشعال الثورة ضد طالبان بواسطة قادة قبائل من الباشتون. ورداً على سؤال عما اذا كانت هذه الفرق قد شاركت في معارك برية، قال الوزير: الجواب هو نعم، في الجنوب، لقد بلغوا اماكن واجهوا خلالها مقاومة وتعاملوا معها، ولكن الوزير اكد ان اي امريكي لم يقتل في هذه العمليات وهي ملاحظة علق عليها مسئول في الخارجية الامريكية بقوله: هذا جنون. ثم يتحدث التقرير بالتفصيل عن العملية التي قامت بها القوات الخاصة «دلتا» في 20 اكتوبر، ومنها بدأ الحديث عن وقوع ضحايا.. لماذا لم ينشر التقرير؟ ونكتفي بهذا القدر من التقرير ونضيف اليه ملاحظات: الاولى: هي ان الوكالة الاخبارية الدولية بثت التقرير مرة واحدة، مع ان العادة جرت ان تتم اعادة بث التقارير والاخبار اكثر من مرة مع اضافات اليها، تؤكدها او تنفيها او تعلق عليها، وهو ما لم يحدث مع هذا التقرير الذي اختار قضية ساخنة تهم جميع فئات المجتمع الامريكي. الثانية: هي ان التقرير غاب نهائيا عن الصحف الرئيسية ووسائل الاعلام الامريكية فلم يتم نشره، او مقاطع منه، مع ان نسبته الى الوكالة يمكن ان تعفي اية مطبوعة او محطة تلفزيونية من اي مسئولية خاصة وان وكالة «يو. بي. آي» هي وكالة عالمية تنتشر مكاتبها في القارات الخمس وتتناقل أخبارها وتقاريرها وصورها معظم وسائل الاعلام. الثالثة: وسائل الاعلام العربية، بما فيها المتعاطفة مع طالبان، لم ترد فيها، على حد علمي، أية اشارة الى التقرير. الرابعة والاخيرة: هي ملاحظة وردت في التقرير على لسان مسئول أمريكي في الاستخبارات، عندما قال للوكالة: ان منطق تكذيب وقوع أية خسائر بشرية يقوم على انك لا تريد أن تساعد العدو في الشعور بالارتياح». ... وما حدث لقناة «الجزيرة» واذا أضفنا الى التقرير، وهو نموذج فحسب، قصف القوات الامريكية لمكتب قناة «الجزيرة» في كابول وتوقيف مراسلها في واشنطن محمد العلمي، وكذلك التحقيق مرتين مع مراسلها في بروكسيل احمد كامل، وكانت المرة الاخيرة في سويسرا، ومثول مراسلها في باريس ميشال الكيك أمام مجلس الصحافة الفرنسي ... فان الصورة تصبح واضحة، وهي ان الحروب تقتل الديمقراطية أولا، والديمقراطية رئة الاعلام ويختنق من دونها. بقلم: شوقي رافع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق