الخميس، 5 أبريل 2012

عمر بن الخطاب يقود بيل غيتس إلى فرسان الخـطوط الأمـامية


يتفق أغنى رجل في العالم بيل غيتس مع الفاروق عمر بن الخطاب في أن هناك رجالاً يعادل الواحد منهم ألف رجل، وربما أكثر، وأن هؤلاء الرجال هم ثروة الأمم، فقد كتب عمرو بن العاص، عندما أبطأ في فتح مصر، إلى الفاروق عمر، يطالبه بالمدد، فأمّده عمر بأربعة آلاف، وكتب له: إني أمددتك بأربعة آلاف رجل، على كل ألف رجلٍ رجٌل بألف رجل: الزبير بن العوام، والمقداد بن عمرو، وعبّادة بن الصامت، ومسلمة بن مخلد’’. واعتبر أمير المؤمنين أن مجموع ما أرسله هو 12 ألف رجل.

أما بيل غيتس، فقد أكد أنه ‘’لولا 20 شخصاً، يعملون في الخطوط الأمامية لما وصلت شركة مايكروسوفت إلى ما وصلت إليه حالياً، حيث يزيد عدد العاملين فيها على 18 ألف شخص، ومع ذلك فإن أهم معوقاتنا لاتزال العثور على أشخاص ممتازين للعمل معنا’’.
ويتحفظ ألان أوستيس، نائب رئيس ‘’غوغل’’ قليلاً على هذه المقارنة عندما يقول لصحيفة ‘’وول ستريت جورنال’’: إنني أعتبر أن المهندس المميز يساوي 300 مهندس عادي، وربما أكثر’’. ولعل هذا التقدير لقيمة القادة المميزين هو ما دفع مجلة ‘’الايكونوميست’’ البريطانية أن تضع عنواناً يقول: ‘’فقدتْ أعزّ ما تملك’’، ولو كان الموضوع عن فتاة شرقية لما احتاج القارئ إلى وسائل إيضاح، ولكنه كان عن شركة ‘’جنرال موتورز’’ الأميركية التي تناوبت عليها شركتان منافستان نجحتا في خطف اثنين من ثلاثة موظفين لديها كانوا مرشحين لتولي قيادة الشركة.
هل قلنا خطف؟ بالتأكيد، ولكن من دون إرغام، وليس بقوة السلاح الناري، بل.. النقدي. فالشركات الكبرى، مثل المنتخبات القومية لكرة القدم، لم تعد تعتمد على إمكاناتها المحلية للفوز على المنافسين، بل على شراء اللاعبين المحترفين ومنحهم ماركتها المسجلة، وهذه أقرب إلى الجنسية، ولأن لعبة الخطف لم تعد فردية، بل جماعية، وميدانها العالم على اتساعه، فقد سارعت الشركات إلى تحصين قياداتها وتوفير الحماية لهم داخل قلاع من الامتيازات والضمانات والمكافآت، وهكذا ارتفع عدد الشركات الأميركية التي تمنح القيادي فيها رواتب ألف رجل من 35 في المئة في العام 2004 إلى 49 في المئة في العام الماضي، وبالطبع فإن هذه الشركات لا تخسر نتيجة الرواتب الباهظة التي تدفعها، بل على العكس تزيد في رصيدها، وبينما كان العنصر البشري في الثمانينات يشكل 35 بالمئة من قيمة الشركة فإنه ارتفع ليصل إلى 70 في المئة في الوقت الراهن، وهنا لابد من التأكيد على أن الموهبة تنافس الخبرة في تحديد مواصفات القيادي والمتميز، فقد فاجأت شركة ‘’كابيتال ون’’ الأميركية أسواق المال عندما بدأت سنة 1995 في تسويق بطاقات الائتمان البنكية بمجموعة من القيادات الشابة المتخرجة حديثاً من الجامعات ولم يكن عددها يزيد على أصابع اليد الواحدة، ونجحت حالياً في أن تحتل المرتبة الرابعة في السوق مع 20 ألف موظف يعملون فيها، وهو ما يبرر وجود ما يزيد على 1500 جامعة خاصة قامت الشركات بإنشائها والإنفاق عليها لتزويدها بالمواهب والكفاءات الشابة القادرة على تطويرها وسد احتياجاتها من الكوادر البشرية في عالم يتغير بسرعة قياسية.
‘’الإنسان أثمن رأسمال’’؛ العبارة أطلقها كارل ماركس، وكادت تختفي من القاموس الاقتصادي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق، ولكن دانيال بينك، المستشار السابق للرئيس بيل كلينتون، يعتقد أن ثورة المعرفة أعادت للإنسان العامل قيمته بعد أن نجح في السيطرة على وسيلة الإنتاج المتوفرة، وهي الكومبيوتر، ما يجعل حاجة الشركات إليه أكثر من حاجته إليها، أي أنه بات يملك خيار الاستقلال عن رب العمل، بينما رب العمل لا يملك مثل هذا الخيار. دانيال يقول في كتاب وضعه تحت عنوان ‘’أمة من العملاء (Agent) الأحرار’’ أن كارل ماركس عاد.. لينتقم .هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية الوطنية ‘’تنمية’’ نجحت في العام الماضي في توظيف ما يزيد على 1000 باحث عن العمل، ولكنها في الوقت نفسه خسرت نصف موظفيها لأن زيادات الرواتب لم تشملهم، فهاجروا إلى حيث يتم تقدير المواهب عداً ونقداً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق