الخميس، 5 أبريل 2012

جسدك وترتيب ولادتك يحكمان مستقبلك


القصيرة مثيرة وولاّدة والبكر ناجح والصغير عبقري
‘’ولدي سوف يطلع مثل نابليون.. وسوف يهزّ العالم’’.. قالها جارنا متفاخراً، بعد أن رُزق بولده البكر، سألتُه مجاملاً: لماذا نابليون وليس صلاح الدين؟ فأجاب: ‘’تعرف أن نابليون كان أعرج.. إن ابني وُلد أعرج مثله’’. وفي الواقع لم أكن أعرف إن كان نابليون أعرج أم لا، ولكنني حسدتُ جاري الأمّي على الثقة التي كان يقرأ بها مستقبل ولده اعتماداً على عرجه.

حسناً، إن جاري الأمي لم يَعُدْ وحيداً، فقد انضمت إليه مجموعات كبيرة من العلماء والباحثين في أوروبا وأميركا، وبعد ما يزيد على 70 سنة من التجارب والتحليلات العلمية والطبية باتت هذه المجموعات، ومعها الكثير من الدوائر الطبية والعلمية، تشارك جاري ثقته بأن هناك علاقة بين جسد الشخص وبين مستقبله، بل أضافت إليها علاقة أخرى تربط بين ترتيب الشخص في الولادة قياسا الى إخوته وأخواته وبين مستقبله العلمي والمهني وحياته الشخصية.
وهنا بعض هذه القناعات العلمية: إذا كان جسم الفتاة أقصر من المتوسط فإن فرصتها في الزواج أكبر وفي النسل أكثر، والعكس صحيح، أما الرجال فإن من زاد طوله على المتوسط فإن فرصه في الوصول إلى دفة القيادة بالطرق التقليدية أكبر، إذ إنه من بين 43 رئيساً أميركياً، لم يُنتخَب إلاّ خمسة فقط، أقصر بثلاثة سنتيمترات عن المتوسط، أما من نقص طوله عن المعدل فإنه يصل إلى القيادة ولكنه يؤمن بحرق المراحل، ويكون أقرب إلى الزعيم دينغ هسياو بنغ في الصين، أو ستالين في الاتحاد السوفياتي السابق، أو الديكتاتور فرانكو في إسبانيا.
والغريب أن هذا التشخيص العلمي لمستقبل الفرد اعتماداً على صفاته الفيسيولوجية يلتقي مع تشخيص آخر يقوم على ترتيب الشخص في الولادة، ولايعتمد على الجسم، بل على العلاقات داخل الاسرة، فالولد البكر يتفوق على الولد التالي في الذكاء بثلاث درجات، والثاني يتفوق على من يليه بدرجة واحدة.. وهكذا، ولكن هذا لا يعني أن يكون البكر أكثر نجاحاً من إخوته، إذ بينما يحقق نجاحه بالمثابرة والإصرار وصعود السلم درجة درجة وصولاً إلى دفة القيادة، فإن الأصغر، وهو الأقل ذكاءً، يكون أكثر إبداعاً، فيكسر الطرق التقليدية في السلوك والتفكير، ويكون أكثر قدرة ورغبة في المغامرة، ومن بين هؤلاء تشارلز داروين صاحب كتاب أصل الأنواع، وكان الخامس بين إخوته، ونيكولاس كوبرنيكوس عالم الفلك البولندي، وكان أول من برهن على أن الشمس وليس الأرض هي مركز الكون، وهو الأخير بعد إخوته الثلاثة، وعالم الرياضيات والفيلسوف رينيه ديكارت، وكان الأصغر بين إخوته.
ولكن كيف توصل العلماء إلى هذه النتائج، وهي أقرب إلى أحاديث المنجمين والفلكيين؟
المسيرة طويلة، وهنا بعض محطاتها:
العلماء البريطانيون وضعوا دراسة نتيجة أبحاث شملت 10 آلاف شخص، ذكوراً وإناثاً، وُلدوا في أسبوع واحد، في شهر مارس عام ,1958 وفي عام 2000 كان كل واحد من هؤلاء قد بلغ 42 سنة من عمره.
فماذا اكتشف هؤلاء العلماء؟
إن الفتاة التي يقل طولها عن المتوسط، وهو 1,62 سم، كانت تشكل غالبية المتزوجات ذوات النسل، لأن هذه الفتاة تتمتع بجاذبية جنسية وتمنح الرجل شعوراً بالسيطرة عليها في السرير. أما الفتيات الطويلات فكن أقل زواجاً ونسلاً، لأن الفتاة الطويلة تتأخر عندها فترة الخصوبة، وتمنح الرجل شعوراً بالدونية إن لم يكن أطول منها.
وتمادى بعض هؤلاء العلماء في استنتاجاتهم، فزعموا أن مذابح رواندا التي سقط فيها مليون قتيل لم تكن لتقع، لو أن المستعمر البلجيكي لم يعتمد على ‘’التمييز الجسدي’’ فسلّم السلطة إلى قبيلة ‘’التوتسي’’ الأقلية، لأن رجالها كانوا أكثر طولاً من رجال قبيلة ‘’الهوتو’’ التي كانت تشكل الأغلبية.
هذا في التمييز طولاً وقصراً، أما في التمييز بين الأولاد في الترتيب، فإن الدراسة كانت أكثر إرهاقاً وشملت 310,241 أشخاص في النرويج، أعمارهم تتراوح بين 18 و19 سنة، وقد وُلدوا بين أعوام 1967 ـ ,1970 واستعان الباحثون للحصول على المعلومات عن هذه العينة بالسجلاّت العسكرية، ثم أضافوا إليها عينة أخرى شملت 64 ألف زوج من الإخوة، وجاءت النتائج في النهاية متطابقة، ومن بينها:
إن الولد البكر أكثر ذكاءً والتزاماً ومسؤولية، لأنه استفاد من تركيز عناية والديه به عند ولادته ولأنه يستفيد من تعليم إخوته الأصغر منه، وهو تقليدي غالباً ولا يميل إلى المغامرة، على العكس من إخوته الأصغر الذين لا يستطيعون أن ينازعوه مكانته فيُضطَرون إلى شقّ طرق جديدة لهم كي ينتزعوا مواقعهم في العائلة والمجتمع، ومعظم مشاهير العلماء والحاصلين على جوائز نوبل من الإخوة الذين تربوا في ظلال من هم أكبر منهم.
وقد نُشرت هذه الدراسة في مجلتي ‘’ساينس’’ و’’انتلجنس’’ الشهر الماضي ووضعت حداً لنقاشات امتدت 70 عاماً بين العلماء حول هذا الموضوع، على حد وصف رئيس قسم علم النفس في جامعة بيركلي الأميركية، وعلى أثر نشرها بدأت الشركات الكبرى في أميركا تعتمد الجسد وترتيب الولادة من بين المقاييس لاختيار من تحتاج إليهم من موظفين وقياديين، خصوصاً بين الصغار والأكثر ابتكاراً.
مديرون ومحافظون سياسياً
دراسة أميركية كشفت أن من بين 1582 مديراً تنفيذياً في كبرى الشركات الأميركية هناك نسبة 42 في المئة منهم كانوا الأكبر بين إخوتهم، ووصفت هؤلاء بأنهم محافظون سياسياً.
.. والأكبر رأساً
دراسة قامت بها جامعة أدنبره شملت 48 متطوعاً كشفت أنه كلما كان رأس المولود كبيراً كان دماغه أكبر وأنه كلما كبر دماغه ارتفع مستوى ذكائه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق