الأربعاء، 4 أبريل 2012

إنّها العولمة و … لا مفر

 August 2007

الزوجة الإفريقية حملت من عشيقها ولكن إدارة الهجرة الأمريكية ضبطتها. المسلم الأمريكي دخل الحمام ليتوضأ فطرده الحارس وصارت قضية في مساجد أندونيسيا. الطفلة المصرية لعبت مع الدجاج في منزلها، مرضت وماتت، فقرعت منظمة الصحة العالمية أجراس الإنذار.

وأخيراً فإن ثلاث شركات أمريكية تحكم ربع سكان الأرض في المأكل والمشرب والملبس.

إسحاق أوسو، من دولة غانا الإفريقية، عمره ٥١ عاماً، وصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية قبل ١٤ سنة، وحصل على الجنسية الأمريكية أخيراً، أول ما فعله هو أنه طلب من إدارة الهجرة السماح له باستقدام أولاده الأربعة من إفريقيا ليعيشوا معه، ويحصلوا على جنسيته. الهجرة طلبت أوراقاً ثبوتية لم يكن إسحاق يملكها، ولكن الهجرة أعطته البديل: السفارة الأمريكية في غانا لديها طبيب معتمد، عليهم أن يذهبوا إليه، ويعطوه عيّنة من دم كل ولد، فإذا ثبت من خلال فحص الحمض النووي (D.N.A) أنهم أولاده سيكون باستطاعتهم دخول أمريكا والعيش معه.


وأخذت الهجرة عيّنة من دم إسحاق لمطابقة حمضها مع حمض أولاده..

بعد أيام وصلته بالبريد رسالة من إدارة الهجرة، تقول: ولدك الكبير فقط هو ابنك، أما الثلاثة الباقون فهم ليسوا أولادك.

وربما من حسن حظ إسحاق أن زوجته توفيت منذ سنوات.

وهو ما حدث أيضاً مع أمريكي غادر سيراليون في أثناء الحرب الأهلية فيها وترك زوجته حاملاً، وعندما حصل على الجنسية أراد استدعاء ابنته وزوجته، فكشفت له إدارة الهجرة أن ابنته ليست ابنته، ثم اعترفت الزوجة بأنها اُغتصبت ولم تجرؤ على إخباره بالأمر.

أما تمارا غونزاليس فقصتها مختلفة قليلاً، إذ إنها بعد أن حصلت على الجنسية استقدمت والدها من المكسيك بتأشيرة زيارة، ثم بدأت معاملاتها لتحويل الزيارة إلى إقامة دائمة، وتم فحص الحمض النووي للأب والابنة فتبين أنها ابنة رجل آخر..

وكما تشير جريدة «نيويورك تايمز» على لسان الخبراء فإن نحو ٧٥ ألف شخص يقومون بالفحص المخبري للحمض النووي سنوياً، ومن بين هؤلاء يخرج ٢٠ بالمئة بنتائج سلبية، أي أن هناك ١٥ ألف خيانة تكشفها إدارة الهجرة الأمريكية سنوياً و… على اتساع العالم.

اخرج فوراً

محمد حسين، مواطن أمريكي مسلم من أصل هندي، يقوم بزيارات دورية للمركز الطبي في مدينة بالتيمور للعلاج من مرض السرطان. حلّ موعد الصلاة وهو ينتظر الطبيب برفقة زوجته، وهي دكتورة، وابنته. ذهب محمد إلى الحمام ليتوضأ، وضع ساقه في المغسلة وبدأ يفرك أصابع قدمه تحت صنبور الماء، شاهده الحارس، فقفز غضباً، قال له: اخرج فوراً، ثم بدأ يدفعه أمامه. محمد حاول جاهداً أن يقنع الحارس رودني كوربن بأنه مسلم يتوضأ وأنه مريض بالسرطان وأن لديه موعداً مع الطبيب، ولكن الحارس لم يستمع له، وتحت أنظار زوجته وابنته طرد من المركز الطبي.

محمد رفع دعوى قضائية ضد المركز الطبي وطلب ٣٠ مليون دولار تعويضاً عن الإهانة العنصرية. وسائل الاعلام الأمريكية نقلت الخبر، وعنها نقلت وسائل الإعلام العالمية، ومن بينها الأندونيسية، مع الزميلة «الشرق الأوسط» العربية. وفي الأسبوع الماضي كان خطباء المساجد في أندونيسيا يعلنون دعمهم وتعاطفهم مع محمد حسين ويلعنون رودني كوربن، مع أن هذا الأخير لم يكن يحلم يوماً بأن يعرف جيرانه في الحي اسمه، فما هو إلاّ حارس مستشفى.. ولكن الاسم الملعون وصل إلى أندونيسيا.الطفلة ودجاجاتها

عدد سكان القاهرة في النهار ١٢مليون نسمة، ينخفض ليلاً إلى ١٠ ملايين، ولا أعرف من أين استحضر صديقي المصري هذه الأرقام، لأن صديقاً آخر اقترح رقم ١٨ مليوناً لسكان القاهرة، أي ربع سكان أرض الكنانة، ولكن في ظل الإحصاءات الرسمية، أو مع عدم الثقة بشفافيتها إنْ وجدت، فإن الأرقام تصبح وجهة نظر.

المهم أنه من بين هؤلاء الملايين الذين يسكنون القاهرة برز الأسبوع الماضي اسم الطفلة «مارينا ميخائيل» وعمرها ١٥ سنة، وتناقلته وسائل الإعلام العالمية كلها، من أمريكا حتى الصين، واستقر في ملفات منظمة الصحة العالمية، والسبب: إن مارينا الصغيرة ماتت بمرض «انفلونزا الطيور».. فقد كانت تلعب مع الدجاجات في بيتها بالقاهرة، واذا استغرب أحدنا وجود الدجاجات في منزل بالعاصمة فإن عليه أن يعود إلى قراءة نجيب محفوظ ليعرف غوايات الدجاج على السطوح.

وأخيراً فإن ربع سكان العالم يشربون كولا وأخواتها، ويأكلون ماكدونالدز ومتفرعاته، ويلبسون الجينز من نوع «ليفايز» ومشتقاته؛ أي أن ثلاث شركات، وهي امريكية بالطبع، تتحكم بالمأكل والمشرب والملبس لربع سكان العالم… وتعضّ بأسنانها على الأرباع الباقية…
إنها العولمة ولا مفر .


شوقي رافع





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق