الأربعاء، 16 مايو 2012

وقائع جديدة ترسم صورة العربي في القرن الواحد والعشرين...

الملف السياسي ـ وقائع جديدة ترسم صورة العربي في القرن الواحد والعشرين, الطريق إلى الحرب؟, قال باراك لعرفات: عندما أنظر في عينيك أرى السلام - التاريخ:

(الطريق الى الحرب؟) هو العنوان الذي اختارته الايكونوميست لموضوع غلافها في العدد الصادر يوم 7 الشهر الجاري، اما الخبير البريطاني في شئون الشرق الاوسط ياتريك سيل فقد اختار عنوانا لتعليق نشره في الزميلة (الحياة) يقول: هل هذه مقدمة للثورة؟ وصحيفة (فايننشيال تايمز) تساءلت بدورها في تقرير من القدس: هل تعني نهاية السلام انها الحرب؟
ويجمع بين العناوين الثلاثة، وقد تم اختيارها عشوائيا من بين عشرات المقالات والتقارير الغربية هو ان علامات الاستفهام لا تقوم بدورها اللغوي التقليدي، وهو السؤال، بل هي تكاد تطرح الاجابة ايضا وبطريقة لا تخلو من اظهار علامات الدهشة والتعجب، وهي علامات تظهر في محلها، اذ من كان يفكر قبل ثلاثة اسابيع ان ايهود باراك رئيس الوزراء الاسرائيلي، وقد دعا الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الى العشاء في منزله، بطريقة شخصية وبعيدا عن المجاملات الدبلوماسية، وقال له، وفق رواية اسرائيلية: اشعر عندما انظر في عينيك، ان السلام بات اقرب مما يتوقع الجميع، من كان يفكر ان هذا الجنرال وقد خاض معركته الانتخابية ضد سلفه. بنيامين نتانياهو تحت شعار »تحقيق السلام مع العرب« هو نفسه من يأمر القناصة في الجيش الاسرائيلي المتربصين بالمتظاهرين الفلسطينيين ان يطلقوا النار في عيونهم مباشرة. مما دفع صحيفة مثل فايننشيال تايمز البريطانية ان تضع عنوانا يمتد على ستة اعمدة، ويؤكد، ان الاصابات في العين تشكل غالبية المصابين الفلسطينيين برصاص القناصة.
 يقول مستشار باراك للشئون القانونية دانيال ريزنر: اننا نعمل وفق أوامر تقول عليكم تحييد العدو، وبالتالي فإنك تصوب حيث تحدث ابلغ تأثير«. شيء أكبر من أن يصدق اذن هل هي الحرب ترافقها حشود من علامات الاستفهام والتعجب؟ العقيد معمر القذافي يرى العكس ويعتقد ان »وأد الانتفاضة« هو ابرز الاهداف المحددة للمرحلة المقبلة، عربيا ودوليا، والرئيس الليبي في هذه الاجابة يقترب من الروائي الفلسطيني اميل حبيبي في روايته الشهيرة »المتشائل« عندما يقول البطل: في كل مرة اشاهد شيئا جميلا يحدث أشعر بالريبة والشك، وربما كان الرئيس الليبي، ومعه المتشائل، على صواب، لأن ما يحدث في العالم العربي وفي العالم الاسلامي شيء اكبر من ان يصدق، واذا اكتفينا بالعناوين فقط فإن ما يحدث هو التالي: الجماهير العربية والاسلامية تخرج من خوفها وتتظاهر في الشوارع والجامعات والانظمة العربية تستجيب للغضب الجماهيري فتوافق على عقد قمة رغما عن امريكا، والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات يجتمع مع قادة الفصائل المعارضة للمفاوضات، وفي طليعتها حركة حماس والجهاد الاسلامي، ويطلق سراح اعضاء الحركتين المعتقلين في سجون السلطة، بينما المقاومة الاسلامية في لبنان تقوم بعملية توعية في الجنوب وتأسر ثلاثة جنود اسرائيليين، وهو ما عجزت عنه الجيوش النظامية العربية، وتطلق على العملية اسم الطفل الشهيد محمد الدرة، فيما الانتفاضة في فلسطين تكسر الحدود ما بين الفلسطينيين داخل الخط الاخضر وما بين اشقائهم في اراضي السلطة وفي المخيمات الموزعة ما بين لبنان وسوريا والاردن، ويسقط الفلسطيني المدني في جنوب لبنان كما في الناصرة كما في رام الله والقدس ونابلس، وتتدفق المساعدات والمعونات العربية من جميع الدول ومن دون استثناء ولعلها المرة الاولى منذ حرب الخليج الثانية التي يقف فيها العالم العربي، شعوبا وحكومات في جهة واحدة تحدد عدوها وتعلنه وتؤكد تضامنها في كلمات وعبارات ومواقف لا تحتمل التفسير والتأويل، وفي طليعتها موقف مصر »بيت العرب« وقد اعلنه وزير خارجيتها عمرو موسى في دمشق، بعد التهديدات الاسرائيلية بضربها، فقال ان ما يصيب سوريا يصيب مصر ونحن معها في موقف واحد، ولأن هذه المواقف صدرت والعالم العربي يعيش في غرفة الغليان فقد اكتسبت معانيها بدقة، وهو ما التقطته الولايات المتحدة فلم تكتف بزيارة يقوم بها الامين العام للأمم المتحدة كوفي عنان للمنطقة، بل اعلنت عن جولة للرئيس بيل كلينتون شخصيا، بينما هو في ذروة معاركه الانتخابية. وقائع جديدة وبعيدا عن الشك والريبة لدى المتشائل عندما يرى شيئا جميلا يحدث فإن وقائع جديدة فرضت نفسها حتى الآن، وهي ترسم صورة العربي في القرن الواحد والعشرين. بغض النظر عما تحمله الايام المقبلة. اولى هذه الوقائع ما اعتبرته مجلة »الايكونوميست« الحدث الاكثر خطورة في الانتفاضة الفلسطينية، وهو مشاركة عرب اسرائيل ـ والتسمية غير دقيقة فهناك عرب وهناك اسرائيليون ولن يلتقوا ـ في الانتفاضة الحالية، وهؤلاء عددهم مليون فلسطيني ويشكلون 18% من عدد سكان اسرائيل، وهو امر يحدث للمرة الاولى منذ عام 1948 وهو ما اثار الهلع الحقيقي في صفوف الاسرائيليين، اليمين منهم واليسار، فقد اعتادت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة ان تعتبر هؤلاء العرب هامشا اسرائيليا يؤدي خدماته بأبخس الاثمان. والتعامل معهم بأن ولاءهم لاسرائيل مضمون، خاصة وانهم لم يشاركوا في الانتفاضة الاولى، ومع ان شهداء ام الفحم وشفا عمرو في يوم الارض ما زالوا رموزا لهؤلاء العرب، الا ان القناعة الاسرائيلية لم تتغير وهي انهم مواطنون اسرائيليون، وانهم من الدرجة الثانية وبالتالي فإن جميع مشاريع السلام الاسرائيلية التي كانت تعتمد على الفصل بين عرب الدولة الفلسطينية المقبلة وبين دولة اسرائيل كانت تستوعب هؤلاء العرب داخل الخط الاخضر، اي في اسرائيل نفسها، ومع انتفاضة هؤلاء العرب وزحف جموع المستوطنين لمعاقبتهم فإن صورة المستقبل لدى صانعي السياسة الاسرائيلية سوف تتغير اذ ان العدو سوف يبقى في الداخل، في الحرب كما في السلام.
 هبة الخليج ومن الوقائع الجديدة ايضا التي ترسم ملامح العربي في القرن الواحد والعشرين هي هذه الهبة في الخليج تأييدا وتضامنا مع الشعب الفلسطيني، وقد كسرت الصورة التقليدية للتضامن فخرجت مسيرات ومظاهرات شعبية في دول الخليج كلها ومن دون استثناء بما فيها الدول التي اقامت تمثيلا ومكاتب مع اسرائيل ولعل ما جرى في الكويت يصلح نموذجا، فقد تعالت الكويت على جراحها واندفعت شعبا وأميرا وحكومة في مسيرة واحدة تؤكد عروبة القدس، وتفتح صدرها لمعالجة الجرحى الفلسطينيين وقامت مسيرات وتظاهرات وتجمعات أحرق خلالها العلمان الاسرائيلي والامريكي، وقد كانت الرسالة واضحة: ان الكويت، بعد عشر سنوات من الاجتياح، ما زالت تحدد عدوها وتعرفه، وهي ما زالت بوتقة العرب، متى ما كانت الحرب على الجبهة الصحيحة وفي الزمن الصحيح. بقلم: شوقي رافع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق