الأربعاء، 16 مايو 2012

محاكمة أو فخ.. وفي الحالتين هي معجزة ... وأنت الخصم والحكم

حكايات سياسية: التاريخ:

(لوكيربي) قد تكون محاكمة أو فخاً وهي في الحالتين عنوان لمعجزة (!). (القذافي هو العدو رقم واحد وهو السرطان وهو الشيطان في الصندوق) هذه الاوصاف اطلقها ومنذ العام 1981 كل من الرئيس الامريكي رونالد ريجان , ووزير الخارجية الاسبق الكساندر هيج ثم تابعها خلفه جورج شولتز والخلفاء من بعدهم.. وعندما تعطلت لغة الكلام قامت في 15 ابريل 1986القاذفات الامريكية بقصف العاصمة الليبية, ومركز إقامة الرئيس القذافي, وقتلت بين من قتلت, ابنته بالتبني.. الحرب بين البيت الابيض والعقيد معمر القذافي ليس لها مثيل, حتى بين كاسترو والبيت الابيض. العقيد يضرب في.. الرأس معمر القذافي تبنى منذ البداية استراتيجية (الهجوم خير وسيلة للدفاع) , وعندما قرر في العام 1981 ان يتبرع بمبلغ مليون دولار لأعرق الجامعات الامريكية في واشنطن وهي جامعة جورج تاون, تحول الخبر الى مانشيتات في الصحافة الامريكية والى الخبر الاول في شبكات التلفزيون والاذاعة, أحد المانشيتات كان يقول: (العقيد يضرب في .. الرأس) وخرج رئيس الجامعة عن وقاره, وألقى خطابا متلفزا يعتذر فيه عن عدم قبول المنحة الليبية..
وردت الادارة الامريكية في (الرأس) أيضا, فأقفلت مركز طلاب البعثات الليبيين, ثم نجحت في اقناع الجامعات بفصل الطلاب الليبين من الكليات العلمية (!) كان عدد الطلاب الليبيين في الولايات المتحدة يزيد عن سبعة آلاف طالب في تلك الفترة ومع ان امريكا مجتمع مفتوح امام الجميع كي يتعلموا, إلا أن الطالب الليبي صار من نوع (أبو القنبلة النووية أو الجرثومية) , واقفلت في وجهه أبواب القبول في الكليات العلمية. العقيد القذافي لم يترك جزيرة في المحيط الكاريبي إلاّ واكتشف فيها حركة تحرير تحتاج الى تمويل.. ولم يقصر, وعندما قامت القوات الامريكية باجتياح جزيرة غرانادا كانت أبرز التهم التي بررّت غزو الجزيرة عسكريا هي العلاقة مع العقيد القذافي.. وبناء قواعد عسكرية للسوفييت فوقها بتمويل ليبي.. جزيرة (الفرقان) في واشنطن جامعة جورج تاون كانت (الرأس) ولكن العقيد لم يهمل الجسد, لويس فرقان قائد أمة الاسلام كان ومازال مع (أمته) احدى جزر القذافي, كما قالت واشنطن تايمز. لويس فرقان اقام في منتصف الثمانينات احتفالا في مركز جون كينيدي في العاصمة واشنطن, المركز يستضيف عادة كبار أهل الفن والسياسة والدبلوماسين, وحضور الاحتفالات فيه غالبا يحتاج الى (بابيون) على العنق ومعطف رسمي أسود, لاتقل أجرته لليلة واحدة عن 150 دولارا, لمن لايملكه, ولكن فرقان جاء مع رجاله باللباس الموحد (اليونيفورم) وكانوا جميعا ينافسون فريق هارلم لكرة السلة في الطول والعرض, والملاكم محمد علي في العضلات, وساعة (بيج بن) في الانضباط, وتحدث فرقان مع القذافي وعن القذافي, وخرجت الصحف في اليوم التالي لتتحدث عن تقسيم امريكا, واعلان جمهورية سوداء تنفصل عن... البيض. القذافي قال حقا أو باطلا, ان العرب سبقوا كريستوفر كولومبس الى امريكا, وتبني قضية الامريكيين من اصل افريقي, وبادله هؤلاء التحية, ولم يكن صدفة ان يرفض المؤرخون في الجامعات (السمراء) في واشنطن ونيويورك وغيرهما التاريخ (الابيض) وأن يشجعوا الطلاب على تعلم اللغة العربية والحضارة المصرية (أم الحضارات الأفريقية) التي اختاروا ان ينتسبوا اليها. التفجير.. وسيناريوهات هوليوود قصفت امريكا ليبيا في العام 1986 وفرضت الحظر عليها.. العرب لم يستجيبوا للحظر ولا أوروبا, على العكس, نجحت ليبيا في توسيع الهوة بين السياسة الامريكية والسياسية الاوروبية تجاه الشرق الاوسط, ثم وقعت مجزرة لوكيربي في 21 ديسمبر 1988 وسقط 270 ضحية في طائرة (البان امريكان) معظمهم من الامريكيين والبريطانيين.. الطائرة انفجرت في الجو بفعل فاعل, هكذا قالت التحقيقات. من هو الفاعل؟ الاجابات تختلف, ومن المصادر نفسها, وحسب الاولوية. الاتهام الاول كان لايران على صعيد التخطيط, اما التنفيذ فهو للجبهة؟ الشعبية ــ القيادة العامة التي يتولاها أحمد جبريل صاحب هذا السيناريو, وقد نشر على مدى سنوات, واعيد نشره في حلقات, اكتشف ان هناك قاسما مشتركا بين ليبيا وايران وهو أحمد جبريل, فقد كان هو المتهم الرئيسي في حادث تفجير الملهى الليلي في المانيا الذي يرتاده الجنود الامريكيون, وبناء علي هذا الاتهام قامت الولايات المتحدة بقصف العاصمة الليبية, باعتبار ان احمد جبريل كان يعمل بالتنسيق مع ليبيا. ولكن صاحب السيناريو في مجزرة لوكيربي, قرر ان تكون ايران وليست ليبيا, هي المخطط, مع الاحتفاظ بدور المنفذ وهو أحمد جبريل, وفي السيناريو نفسه, دخلت وكالة الاستخبارات الامريكية على الخط, إذا انها كانت على علم مسبق بأن شحنة (غير قانونية) على متن الطائرة المنكوبة, وقررت ان تغض الطرف عنها باعتبارها شحنة مخدرات وليست متفجرات, والسبب في غض الطرف هو معرفة الهدف النهائي للمخدرات و.. القبض على شبكة المهربين (!), وهو سيناريو لايصلح لمسلسل في هوليوود. ثم يأتي السيناريو الثاني من بطولة عبدالباسط المقرحي والامين خليفة فحيمة, وهما ليبيان, وعضوان في جهاز الاستخبارات و... بقية السيناريو معروفة.. وباتت معتمدة رسميا بانتظار المحاكمة. صدق أو لا تصدق (المحاكمة لن تكون سياسية) هذا ما يقوله الخطاب البريطاني الموجه للأمين العام للامم المتحدة كوفي عنان, وهي لن تتعدى المتهمين, فإذا أدينا يتم سجنهما في اسكتلندا, باشراف فريق دولي من مراقبي الامم المتحدة يمنع اي محاولة للتحقيق معهما من محقق بريطاني أو امريكي, ويمكن لليبيا ان تنشىء قنصلية في مدينة جلاسجو التي يقع فيها سجن (بارليني) لمتابعة الاتصال بالسجينين, اذا تمت ادانتهما. وهذه الشروط تدخل في باب (صدق أو لاتصدق) إذ سوف تكتفي الولايات المتحدة وبريطانيا بمحاكمة المتهمين (جنائيا) باعتبار انهما من (هواة) نسف الطائرات, اذا اقتنعت المحكمة انهما الفاعلان, أي المنفذان للعملية من ألفها الى يائها (!) العقيد القذافي اقترح منذ سنوات ان تتم محاكمة المتهمين في بلد محايد, وفي الصيف الماضي وافقت واشنطن ولندن على هذا الشرط, ووافقتا ايضا على رفع الحظر عن الجماهيرية الليلة بعد تسليم المتهمين لماذا؟ تلاحظ صحيفة (فايننشال تايمز) الاقتصادية البريطانية, في تقريرين نشرا الاسبوع الماضي في عدد واحد ان الرئيس الليبي وافق على تسليم المتهمين ليس لأن قوانين الحظر نجحت في عزل ليبيا, بل على العكس, فمنظمة الوحدة الافريقية قررت في الصيف الماضي تجاهل الحظر المفروض على الطيران الى ليبيا) . وهو موقف تشارك فيه الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي وحركة عدم الانحياز.. مع وقف التنفيذ بالطبع, كما ان موافقة العقيد جاءت بعد ان تصدت اوروبا لقانون (داماتو) الشهير الذي أقره الكونجرس, وهو يضيف الى مهمة (الشرطي العالمي) التي تتولاها الولايات المتحدة بجدارة في معظم انحاء العالم, باستثناء الشرق الاوسط, مهمة (القاضي العالمي) ايضا. .. وانت الخصم والحكم ان نجاح المملكة العربية السعودية وحكومة جنوب افريقيا, ولكل منهما رصيد كبير خاصة في دول العالم الثالث, وكذلك الأمم المتحدة في اقناع الشرطي والقاضي العالمي, وملحقه البريطاني بأن (المحاكمة) امام محكمة محايدة هي الطريق الوحيد الى العدالة, وليس بالضرورة اقصرها, يبدو اقرب الى المعجزة, ليس لأنها ترفع مرة واحدة الظلم عن ضحيتين هما الشعب الليبي وأهالي ضحايا لوكيربي, بل لأنها تمنح القاضي المحايد دورا, يتوق اليه العربي بالذات, وهو يخاطب, مع المتنبي, سيف الدولة الامريكي.. وأنت الخصم والحكم) . ... وكلنا يعرف الشطر الاول من البيت, على أمل في سيناريو جديد يضع نهاية سعيدة.. للمتنبي (!)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق