السبت، 5 نوفمبر 2011

كلاب وسلاح و.. خادمات


٤٩مليار دولار أنفقها الأمريكيون العام الماضي على حيواناتهم الأليفة، وفي طليعتها الكلاب، بالطبع ربما يشعر بعضنا بالهلع من هذه الحيوانية المفرطة، خاصة إذا دخلنا في التفاصيل، ومن بينها أن ١٥ مليار دولار، من أصل المبلغ أنفقت على شراء حبوب لتعديل مزاج الكلب، فهو يشعر بالوحدة عندما يتركه صاحبه ويذهب إلى العمل أو في رحلة طويلة، ولذلك يتم تزويده بمخزون من الحبوب المهدئة للأعصاب، أو الباعثة على النشوة، من نوع بروزاك، ولكن الخاصة بالكلاب.


ربما أيضاً يزداد شعور بعضنا بالهلع عندما نقرأ أن ميزانية التعليم الأمريكية في العام ٢٠٠٧ لم تتجاوز مبلغ ٥٦.٨ مليار دولار، بينما اكتفت وزارة الصحة بميزانية لا تزيد على ٥٣ مليار دولار، يعني أكثر بأربعة مليارات دولار فقط عن ميزانية الكلاب.
وكي تكتمل صورة هذا المجتمع النادر في تناقضاته، ربما من المفيد إضافة رقم أخير وهو أن تكلفة الحرب في العراق تجاوزت مبلغ ٢٢٦٧ مليار دولار حتى الآن، ولن يتمكن دافع الضرائب الأمريكي من تغطيتها قبل العام ٢٠١٦.
هل الصورة بشعة إلى هذا الحد؟
ليس تماماً، عندما نقارنها بإحدى دول العالم الثالث، ففي النيجر الإفريقية مثلاً، وهي دولة مسلمة، حصلت الحكومات المتعاقبة على مبلغ ٣٠٠ مليار استرليني (نحو ٦٠٠ مليار دولار) من تصدير النفط، ولكن سكان النيجر وعددهم لا يزيد على٣٠ مليون نسمة مازالوا يعيشون من دون كهرباء ولا طرقات ولا عناية صحية ولا مياه صالحة للشرب، وعندما نظموا تظاهرة احتجاج إلى مقر شركة “شيفرون” للنفط، أرسل الجنرالات، وهم يحصلون على قطعة كبيرة من كعكة النفط، طائرات الهليوكبتر العسكرية، فقتلت عدداً منهم، واعتقلت الباقين.
والحكاية نفسها تتكرر في دول أخرى لا يمنح الحكام شعوبها نعمة أن يكونوا كلاباً أمريكية.
هذه الصورة هي بالتأكيد الوجه الآخر للحيوانية المفرطة التي تكاد تحكم المجتمعات اليوم، إلاّ فيما ندر.
ونصل أخيراً إلى مجتمعنا المحلي، فقد قامت قيامة بعضهم لأن أهل الإمارات يصرفون على خدم المنازل نحو ٣ مليارات درهم سنوياً، يعني أقل من مليار دولار، وهو رقم متواضع مقارنة بميزانية الكلاب الأمريكية.
بالطبع لن أدافع عن التخمة في العمالة المنزلية، ولكنني أضمن أن درهماً واحداً من هذا المليار لم ينفق على شراء حبة واحدة لتعديل مزاج الخادمة. وهو ما يكشف عن حرص مبالغ فيه لتمييز خدم المنازل عندنا عن.. الكلاب الأمريكية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق