الثلاثاء، 21 نوفمبر 2017

وهتفت أتلانتيس: أنا فـي دبي يا أبي!

محمد بن راشد ونخبة من المشاهير يفتتحون المنتجع اليوم
“هل عثرتم على ابنتي أتلانتس؟” قالها المحارب “أطلس” غاضباً، بعد أن نفد صبره، وكاد يضرب الأرض بقدمه، لولا أنه تذكر أنه يحمل الأرض فوق كتفيه. لم يأته الجواب من أعمدة هرقل قرب ممر صقلية، كما كان يتوقع، بل جاءه من البحار البعيدة في نخلة جميرا هاتفاً: أنا في دبي يا أبي!
فرح “أطلس” فرحاً عظيماً لأن الكرة الأرضية التي حكمت عليه الآلهة أن يحملها منذ ٩ آلاف سنة، تزيد أو تنقص قليلاً، كانت تروي من الحكايات عن دبي القارة الموعودة قدر ما تروي من الحكايات عن القارة المفقودة أتلانتس..

وضحك “أطلس” في سره، خوف أن تهتز الأرض، بعد أن تحقق حلمً راوده، منذ آلاف السنين ،عن هذا اللقاء الرائع بين قارتين.
حسناً ربما هناك بعض المبالغة في هذه الأسطورة، وربما بعض “التصرف” على طريقة المنفلوطي في الترجمة، ولكن بربكم ماذا يمكن أن يروى عن منتجع ينهض من البحر مثل مخلوق أسطوري وتزيد تكاليف اختراعه على ١٥٠٠ مليون دولار، أي ما يعادل ٥ مليارات و٤٧٠ مليون درهم تقريباً؟
أتعمد ذكر الرقم منذ البداية لأنه يفسر الإجابة الهادئة التي كررها عامل الاستقبال، عندما سألته عن بدل الليلة الواحدة للنوم في أفخم جناح في الفندق، فأجاب: ١٠٤ مئة وأربعة آلاف درهم، يضاف إليها ٢٠ بالمئة رسوم القيمة المضافة فيصبح المجموع ١٢٤ ألفاً و٤٠٠ درهم، “إنه بريدج سويت” وهو يضم ثلاث غرف مع غرفة طعام لعشرة أشخاص وكل الملحقات، ويقع في أعلى طابق في الفندق.
- وماذا لو كنت أحتاج إلى جناح بغرفتين فقط، فهما تكفيان العائلة؟
قلتها بجدية شديدة لا تترك مجالاً للعموميات، وأجاب: هذه الأجنحة تتراوح أسعارها بين ١٠ آلاف و١٣ ألف دولار، زائد رسوم القيمة المضافة.
- وماذا عن الغرفة الواحدة؟
اتسعت ابتسامة العامل، وكأنما أدليت أمامه باعتراف، وقال: تبدأ من ٢٩٠٠ درهم زائد الرسوم. ثم ناولني كتيباً صغيراً، فتح إحدى صفحاته على غرفة نوم فيها سرير تجلس علية فتاة، وهي تراقب الأسماك من نافذتها.
قلت: هل أشاهد الأكواريوم وأنا مستلق على السرير؟
أجاب: عليك أن تفتح النافذة أولاً.. وسوف يكون الأكواريوم في غرفتك، إن لدينا ما يزيد على ١٦٠٠ غرفة.
دفعنا، صديقتي وأنا، ٢٠٠ درهم ثمن تذكرتين لمشاهدة الأكواريوم. قالت: التذكرة غالية وثمنها لا يشجع على قدوم العائلات أو طلاب المدارس. ولم أعلق، فالدهشة ربطت لساني، ما إن عبرت النفق شبه المعتم لأطلّ على عالم “أتلانتس” القارة الغارقة في أعماق البحر منذ آلاف السنين، شاهدت حطام السفن، والأعمدة الصخرية الهائلة تتحول إلى مراعي للأسماك. كانت أسماك القرش تشق طريقها أمام أعيننا قرب الزجاج، ولكن المشهد الخرافي، كان هناك على ارتفاع 7 أمتار في الأعلى حيث القرش ـ الحوت، وطوله يزيد على ٣٢ قدماً يسبح بمهابة وحوله آلاف المخلوقات البحرية من مختلف الأنواع والألوان والأحجام، كان القرش النادر يقود القطيع بمهارة قائد الأوركسترا، إلى أن ظهر أحد الغواصين، وهو يحمل ما خيّل لي أنه علبة كبيرة، فتدافعت أسراب السمك نحوه. وشعرت برعدة في جسدي فقد اختفى الغواص، ومن خلال قراءتي عن القرش ـ الحوت، كنت أعرف أنه قادر على ابتلاع الإنسان، دفعة واحدة، من دون أن يضطر إلى قضمه بأسنانه، قطعة قطعة، واستفقت من روعة المشهد على لكزة في خاصرتي، قالت الصديقة: انظر هناك، ونظرت فإذا بغوّاص آخر يتعلق بذيل قرش محلي وهو يربت على رأسه، ويقترب من فكيه. يقول الدليل: إن الأكواريوم يضم ٦٥ ألف مخلوق بحري و٢٥٠ فصيلة من الأسماك، ما يجعله أكبر معرض للأسماك والحيوانات البحرية في العالم، بدءاً من المحار والمرجان مروراً بأسماك صغيرة، تبدو بريئة، ولكنها قادرة على التهام ثور كامل، إذا سقط في الماء، خلال دقائق وهو ما شاهدته أكثر من مرة في أفلام جيمس بوند، ووصولاً إلى الهامور. هل قلنا الهامور؟ حسناً، شاهدت حوضاً فيه أسماك هامور بحجم الفيل الصغير، سألت الدليل: كم يبلغ عمر السمكة؟ قال: ١٥ عاماً، وسألته: كم يبلغ وزنها؟ فأجاب: ١٥٠ كلغ، وهي تصل إلى ٢٠٠ أو ٢٥٠ كلغ عندما تكبر، أضاف: إنها من أستراليا. ومع أنني أمارس الغوص والصيد بالحربة منذ فترة طويلة، إلاّ أن فكرة صيد هامور بهذا الحجم بالحربة كانت أقرب إلى العملية الانتحارية، لأنه ربما لن يتوقف عن جرّي خلفه إلى أن يصل سواحل أستراليا. كنت أود أن أمضي بقية اليوم مع أتلانتيس في الأكواريوم، غير أن الأساطير تختفي عندما يداهمها الجوع.
سألت عن المطاعم، قالوا إن هناك ١٧ مطعماً يمكن أن تختار أحدها، استفسرت إذا كان هناك مطعم قريب من الأكواريوم يمكن أن نتابع فيه الأوركسترا البحرية، فقالت الصديقة أنها تناولت العشاء مع زوجها قبل أسبوع في المطعم الإسباني، بحثنا عن المطعم فوجدناه مقفلاً، قالوا إنه يفتح بوابته الخشبية الضخمة وقت العشاء، وكذلك المطعم العربي، فاخترنا المطعم الإيطالي، ومع أن الدخول إلى الفندق مجاناً، ومع أن التجول بين ممراته المسكونة بالأصداف الحجرية والمائية والتقاط الصور في القاعة الرئيسية التي صممها الفنان ديل تشينهولي مجانية أيضاً، إلاّ أن الرقم الذي طرحه عامل الاستقبال عن بدل النوم في جناح البريدج، بقي جرس إنذار يدّق وأنا أتابع الأسعار على قائمة الطعام التي قدمتها الإيطالية الحسناء، بعد أن أوقفتنا لبرهة كي نتأمل روعة المدخل الذي تشب نيران الفرن على يساره، لتذكر القادمين بالبيتزا فخر الأطعمة الإيطالية.
كان هناك طبق من سمكة السيف، (خيل البحر) التي كاد صديق لي يكتب ملحمة في مدح مذاق لحمها، وكان سعره ٩٠ درهماً، وطبق آخر من الكالاماري المشوي (الحبار)، وثمنة ٣٠ درهماً، فاخترنا الطبقين، ولكن النادل، قال: هذه أطباق جانبية، وهي لن تشبعكم، ما رأيكم أن تأخذوا معها البيتزا؟ وافقنا على بيتزا نباتية، وطلبنا أيضاً فنجانين من الشاي الأخضر.
وسأل النادل: ولكنكم لم تطلبوا الماء؟
أجبت: أحضر ماء أيضاً.
جاء الماء وهو إيطالي وكذلك الشاي، ثم الصحون الجانبية، كان الكالاماري لذيذاً، ومثله خيل البحر، ولكن الطبق كان يحتوي فقط على ٤ شرائح صغيرة من السمك، لا يزيد طول الواحدة على ٣ سم وقطرها على سنتيمتر واحد، أي المجموع أربع لقيمات، ما يعني حوالى ٢٣ درهماً للقيمة الإمبراطورية، أما البيتزا فقد كانت فعلاً تستحق حتى السفر إلى إيطاليا لتناولها. كان ثمنها ٨٥ درهماً فقط، وهي تكفي لشخصين. وبلغت حصيلة الفاتورة ٣٠٨ دراهم، يضاف إليها البقشيش بالطبع.
وإذا كان أحدكم يفكر في اختصار النفقات فيمكنه أن يكتفي بقمع من الآيس كريم لا يزيد ثمنه على ١٥ درهماً، ولكن في هذه الحالة لن تفوته رؤية الأكواريوم فقط، بل القفز من ارتفاع ٣٠ متراً كي يسقط في أحضان ١٢ دولفيناً يلهو معها في خليج الدلافين.
وماذا أيضاً؟ نسيت النهر الهادر حيث يصل ارتفاع الموج فيه إلى ما يزيد على المتر، وهو يتقاذف الباحثين عن المغامرة، وقد تركت تجربته إلى مناسبة أخرى. ولكننا لم ننس “الشوبنغ” ففي الفندق محلات لأهم الماركات العالمية وقد أعجبتني جلابية فضية في واجهة أحد المحلات فدخلت وسألت عن ثمنها فقالت البائعة ٦١١٤ درهماً، ولكن النسائية أرخص فسعرها لا يزيد على ٣٤٤٩ درهماً”. وعلقت صديقتي: إنها من الحرير الهندي”.
وأخيراً فإن المنتجع سوف يفتتح اليوم، ودبي على موعد مع أتلانتيس، ومع عالم ينهض كل يوم على أكثر من أسطورة..

إضاءة:
يرعى حفل افتتاح منتجع وفندق أتلانتيس اليوم سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وبحضور سلطان بن سليم رئيس دبي العالمية ومشاركة النجمة الشهيرة أوبرا ونيفري، وكل من الممثلين الأمريكيين: روبيرت دي نيرو، ودنزل واشنطن، وجون ترافولتا، ونجمة البوب العالمية كايلي مينوغ، وعشرات الشخصيات المحلية والعربية والدولية.


تعليقات القراء: 2


من قبل إيمان أحمد
بتاريخ نوفمبر 20th, 2008 at 5:06 pm

موضوع خمس نجوم
من قبل محمد بابا
بتاريخ نوفمبر 21st, 2008 at 2:27 am

خيالات تتحقق وأساطير تتجسد ويبقى المستطيع هو أعلى أبراجا من الأسطورة نفسها ..

شكرا على أن سمحت لنا بالعيش للحظات مع هذه القمم أستاذ شوقي ..

تحياتي لك ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق