الجمعة، 28 أكتوبر 2011

حكايات عن الماء

أصطاف في جبل لبنان، حيث كسر ثمن برميل الماء حاجز الدولار، وصرت أشتري كل ثلاثة أيام صهريجاً يحمل ٧٥ برميلاً مقابل ٨٠ دولاراً. هذا عدا مياه الشرب وهي لا تباع بالبرميل بل بالليتر.
بالطبع أزمة المياه لا تقتصر على لبنان فهي عالمية، كما أنها تزداد حدّة ـ راجع الموضوع داخل العدد ـ ومن هنا فقد بدأت مراكز الأبحاث دراسات نظرية وميدانية، وبتمويل من مؤسسات دولية لاختراع وسائل لتوفير المياه ومن بينها آلات غسيل لا تحتاج إلى أكثر من فنجان من الماء تخرج بعدها الملابس نظيفة بل وشبه جافة.

بالطبع حكاية هذا الاختراع تبدو أقرب إلى الخيال ولكن، وكما ورد في تعليق نشرته جريدة “فايننشال تايمز” فإن البريطانيين يستهلكون يومياً ٤٧٤ مليون ليتر من الماء لغسيل ثيابهم، ما دفع العلماء والباحثين في جامعة ليدز إلى اختراع “شيبس” صغير من البلاستيك، يدور مع الثياب داخل الغّسالة ويمتص الأوساخ منها، فتخرج نظيفة وشبه جافة، أي أن آلة الغسيل الجديدة تقوم بتوفير الطاقة أيضاً. ومع أن الاختراع الجديد مازال قيد التجربة في المختبرات، إلاّ أنه يمكن أن يتحول مستقبلاً إلى سلعة تجارية تطرح في الأسواق مع اشتداد أزمة المياه. ولا حاجة هنا إلى السؤال عن مصيرمساحيق الغسيل التي تكاد تغسل أدمغتنا بكثافة إعلاناتها في التلفزيون.
.. ونبأ طيب آخر حول الماء، فقد أصدر المعهد الدولي لإدارة المياه، قبل أيام، تقريراً مطولاً حول استخدام المياه المبتذلة وغير المعالجة، واعتمد التقرير على دراسات شملت ٣٥ مدينة في العالم النامي، وتبيّن أن نصف الأراضي الزراعية في معظم هذه المدن تروى بالمياه المبتذلة، أي مياه المجاري. وقدّر التقرير أن ٢٠ مليون هكتار من الأراضي الزراعية يتم ريّها بهذه المياه في كل أنحاء العالم، وأن ٢٠٠ مليون مزارع يعتمدون على هذه المياه في تأمين معيشتهم، فهي مجانية أولاً، وهي ثانياً، غنية بالأسمدة العضوية من المخلفات البشرية، وثالثاً إن هذه المياه المبتذلة عندما يتم استخدامها فإنها تعود إلى الأرض، بعد مرورها في الطبقات الصخرية والرملية، نقية وصافية لترفد الينابيع والأنهار بمخزون إضافي يتكرر استخدامه أكثر من مرة، ما يوفر ملايين البراميل من المياه يومياً، ويقول رئيس المعهد كولين تشارلز: “إن علينا زيادة التوعية في طريقة استخدام هذه المياه بحيث نزيد من الإيجابيات ونخفف من السلبيات، مثلاً: إن ترك هذه المياه داخل خزانات يساعد على ركود المواد الضارة في قعر الخزان، وبالتالي تصبح أكثر صلاحية للري”.
“..وجعلنا من الماء كل شيء حي” أليس كذلك؟
حسناً، مازال بعضنا يتعامل مع المياه كما يتعامل البدوي مع رمال الصحراء، فهي موجودة باستمرار منذ الأزل، وسوف تبقى، ومن دون أن تنقص، إلى يوم القيامة.



تعليقات القراء: 2



الكاتب الكبير شوقي رافع

موضوع الماء مهم ويجب التفاعل والوعي تجاهه .. ونحن المسلمين لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة .. فقد حرم الاسراف في الماء ولو كان أحدنا على نهر جار .. كما كان عليه السلام يتوضأ بـ( المد ) ، ويغتسل بـ( الصاع ) .
والمُدُّ: هو مقدار ملء اليدين المتوسطتين ،
والصاع: هو مكيال لأهل المدينة يسع أربعة أمداد .

سبحان الله انظروا للبركة في فعل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم

ربما فكرة استخدام مياه المجاري لري المزروعات واردة، بالأخص إذا أخذ بعين الاعتبار أن هذه الماء ستعود منقاة إلى الأرض ليعود استخدامها مرات ومرات.. ولكن، وبالنظر للطبيعة الميكروبيولوجية لهذه المياه، وبالنظر للمرشحات والفلاتر الطبيعية التي تنقي هذه المياه من بداية القشرة الأرضية حتى الطبقات السفلى، فسيتبين لنا أنه من الخطير جدا ً استخدام هذه المياه لري المزروعات.. فهذه المرشحات الطبيعية تقوم بعزل الميكروبات وابقاءها في الطبقات العليا للأرض بجانب أو مع المزروعات.. مما يؤدي إلى انتقال هذه الميكروبات إلى المستهلك مع الوقت.. وهنا أخص بالذكر تلك المزروعات عديمة الساق والإرتفاع، بالإضافة إلى المزروعات الجذرية مثل البطاطا والجزر…
يجب على الأقل ترشيح هذه المياه فيزيائيا ً وبيولوجيا ً قبل استخدامها للري، مع أن الترشيح الكيميائي مازال ضروريا ً، ولكنه أقل أهمية من الترشيح الفيزيائي والبيولوجي، خصوصا ً إذا افترضنا أن هذه المياه خالية من المواد المسرطنة..
والمشكلة أن مفهوم النظافة ارتبط بمساحيق التنظيف والغسيل منذ زمن، ولكن الآن أصبحت هذه المواد هي نفسها موادا ً ملوثة بيئيا ً!! وهذا يجب أخذه بالاعتبار أيضا ً بحكم امتلاء مياه المجاري بهذه المنظفات اللاذووبة بالمياه..

تحياتي لك أستاذي الكبير شوقي رافع، واسمح لي بمداخلتي..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق