السبت، 5 نوفمبر 2011

الوردي من كوكب المريخ !




ما هي العلاقة بين الألوان وبين التجارة والأديان؟
الأمريكي “جيم ثومبسون” جاء إلى تايلاند وأعاد إحياء صناعة الحرير، قبل أن يختفي في نهاية الستينيات من القرن الماضي، في غابات ماليزيا أثناء حرب فيتنام، ولكنه ترك خلفه مصانع ومحلات هي الأشهر في جنوب شرق آسيا لصناعة الحرير. 
في مطار بانكوك دخلت محل “جيم ثومبسون” وهو أقرب إلى غابة من الألوان، وطلبت من البائعة الهادئة ذات الملامح الصينية  ”بلوزة” لابنتي. فسألت: تريدها لأي يوم، أعني أن لدينا سبعة ألوان، ولكل يوم لونه، فأي لون تريد؟..



كانت جادة إلى حد أنني حبست ضحكة كانت تجلجل في صدري، وطلبت أن أرى الألوان السبعة، واخترت من بينها بلوزة وردية، وسألت البائعة: هذا اللون لأي يوم؟..  فردت: الوردي ليوم الثلاثاء، وهو أكثر الألوان مبيعاً لأنه أولاً يمثل كوكب المريخ، وهو أقوى الكواكب، وثانياً لأن ملكنا المحبوب ارتدى في الذكرى الستين لاعتلاء العرش سترة وردية، وتبعه جميع المواطنين تعبيراً عن محبتهم وولائهم له.
وحملت البلوزة بمهابة ووقار، فهي تختزن تراث الكواكب والملوك وأسرار اختفاء الأمريكي. وعدت إلى بعض المصادر في الكتب والإنترنت بحثاً عن هذه العلاقة بين الألوان وبين الملوك والتجار والأديان، وهنا بعض الاكتشافات:
الأمويون اختاروا اللون الأبيض لعلمهم، والعباسيون اللون الأسود، والفاطميون اللون الأخضر، أما الأحمر فهو علم أشراف مكة من بني هاشم.
تحولت هذه الألوان مع تعاقب السنين إلى أزياء دينية واجتماعية وأضيف إليها اللون الأزرق للحماية من الحسد.
هذا عند المسلمين، أما عند البوذيين، فإن الألوان هي لغة التواصل بين الأرض والسماء، وهي مقدسة تتجسد في قوس قزح  يجمع بين الأزرق والأسود والأبيض والأخضر والأصفر، ويضاف إليها الذهبي وهو رمز النار المقدسة؛ ولأن هذه الألوان ترتبط بالكواكب السبعة، فقد تخللها اللون البنفسجي، وانتقلت من السماء إلى الأرض وصارت بدورها رموزاً اجتماعية ودينية تخرج من دور الأزياء ملابس عصرية.
والألوان نفسها تقريباً هي المفضلة لدى الكنيسة المسيحية، مع اعتبار خاص للأبيض، فهو ثوب النقاء والطهارة، وللأخضر رمز انتصار الحياة على الموت، وفي أعياد الفصح ،وشم النسيم ، يظهر الوردي والأصفر والأزرق والأخضر والبنفسجي، وفي مناسبات أخرى يضاف الأبيض والذهبي والأحمر. وهذه الألوان بدورها تحولت إلى أزياء دينية ومدنية ورموز كنسية ووطنية.
أما في عالم السياسة، فهناك الشيوعيون الحمر، والفاشيست السود، ثم الخضر وهم حزب البيئة، وقد استفادت الأحزاب اللبنانية من قوة اللون، فاستنفدت الألوان كلها.
إذن فإن الألوان هي مقدسة غالباً، وأحياناً مميّزة، مثل أرقام الهواتف ولوحات السيارات، ولأنها تملك هذا التراث من قدرتها على التأثير في سلوك الأفراد والمجتمعات، فقد تحوّلت إلى “حاضنة” تزوّد دور الأزياء العصرية بخيارات واسعة
لاصطياد المستهلكين بشبكات من الألوان، وما يحدث في مصانع “جيم ثومبسون” في تايلاند يطرح مدى إبداع رأس المال في قدرته على تطويع تراث البشرية ليصبح  خادماً أميناً لمشاريع من حرير.
إضاءة:
ألوان الزفاف والحداد
الأسود هو لون الحداد عند معظم الشعوب، إلاّ في الصين، فإن ثوب الحداد هو الأبيض، ومع أن الأبيض هو لون فساتين الزفاف عند معظم الشعوب، فإن العرائس في الهند يرتدين الثوب الأحمر.

تعليق واحد



  1. من قبل محمد بابابتاريخ يونيو 30th, 2008 at 1:49 amمعلومات في غاية (الإفادة) وسبحان ربي أن خلق الناس شعوبا وقبائل ليتعارفوا (حتى في مجال الألوان يحلو التعارف) ..
    في القرآن الكريم أعتقد (ولستُ جازماً) ورد ذكر الألوان التالية فقط /
    الأسود
    الأبيض
    الأصفر
    الأخضر
    الأزرق
    (قد تكون لأنها ألوان أساسية أو رئيسية أو شهيرة ، لا أدري)
    لكن ..
    ورد ذكر لفظ ( مختلف أولوانه ، واختلاف ألسنتكم وألوانكم ) ..
    قد يُقصد بها اختلاف التدرّجات على مستوى اللون الواحد ..
    ـــــــــــ
    تحياتي لمقالك المفيد أستاذ شوقي ..
    وعذرا على إسهابي ..



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق